الْكُبْرَى} [طه: ٢٣] أراد الآية الكبرى، قال ابن عباس: كانت يد موسى أكبر آياته.
﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: ٢٤] جاوز القدر فِي العصيان، وذلك أنه خرج فِي معصيته إليّ فتجاوز به معاصي الناس.
﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه: ٢٥] قال ابن عباس: يريد حتى لا أخاف غيرك.
وذلك أنه كان يضيق صدرا بما كلف من مقاومة فرعون وجنده وحده، فسأل الله أن يوسع قلبه للحق حتى يعلم أن أحد لا يقدر على مضرته إلا بإذن الله، وإذا علم ذلك لم يخفف فرعون، وإن اشتدت شوكته وكثر جنوده.
﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ [طه: ٢٦] سهل علي ما بعثتني له.
﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي﴾ [طه: ٢٧] قال ابن عباس: يريد أطلق عن لساني العقدة التي فِيهِ حتى يفهموا كلامي.
وهو قوله: ﴿يَفْقَهُوا قَوْلِي {٢٨﴾ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ } [طه: ٢٨-٢٩] عونا وظهيرا من أهل بيتي، قال الزجاج: اشتقاقه فِي اللغة من الوزر، وهو الجبل الذي يعتصم به لينجي من التهلكة، والوزير الذي يعتمد الملك على رأيه فِي الأمور ويلتجئ.
وقوله: ﴿هَارُونَ أَخِي﴾ [طه: ٣٠] مفعول الجعل على تقدير اجعل هارون أخي وزيري.
﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ [طه: ٣١] قو ظهري وأعني به، والأزر الظهر.
﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ [طه: ٣٢] اجمع بيني وبينه فِي النبوة، وقرأ ابن عامر أشدد به أزري وأشركه فِي أمري على الجواب والمجازاة، والوجه الدعاء على ما قرأت به العامة، لأنه معطوف على ما تقدمه من قوله: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي {٢٥﴾ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴿٢٦﴾ } [طه: ٢٥-٢٦] فكما أن ذلك كله دعاء، فكذلك ما عطف عليه قوله: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾ [طه: ٣٣] قال الكلبي: يقول: نصلي لك كثيرا.
﴿وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ [طه: ٣٤] بحمدك والثناء عليك، بما أوليتنا من نعمك، ومنيت به علينا من تحميل رسالتك.
﴿إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا﴾ [طه: ٣٥] عالما إذ خصصتنا بهذه النعمة.
فاستجاب الله دعاءه: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى {٣٦﴾ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ﴿٣٧﴾ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ﴿٣٨﴾ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴿٣٩﴾ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ﴿٤٠﴾ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴿٤١﴾ اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴿٤٢﴾ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴿٤٣﴾ فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴿٤٤﴾ } [طه: ٣٦-٤٤] ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾ [طه: ٣٦] أعطيت ما سألت، وسؤال الإنسان: أمنيته التي يطلبها، فلين الله له صدره، وحل العقدة من لسانه، وبعث معه أخاه هارون.
ثم أخبر بمنته عليه قبل هذا، فقال: ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى﴾ [طه: ٣٧] أي: أحسنا إليك، وأنعمنا عليك قبل هذه المرة.
ثم فسره بقوله: ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى﴾ [طه: ٣٨] أي: ألهمناها حين عييت بأمرك ما كان فِيهِ سبب نجاتك من القتل، ومعنى ما يوحى: ما يلهم.
ثم فسر ذلك الإيحاء، فقال: ﴿أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ﴾ [طه: ٣٩] أي: اجعليه فِيهِ بأن ترميه فِيهِ، ﴿فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ [طه: ٣٩] قال ابن عباس: يريد النيل.
واليم البحر، والنهر الكبير، {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ


الصفحة التالية
Icon