أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: ٣] قال السدي: يقولون: إن متابعة محمد متابعة السحر.
والمعنى: أتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر.
قل لهم يا محمد: ﴿رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ [الأنبياء: ٤] أي: لا يخفى عليه شيء مما يقال في السماء والأرض، وقرأ أهل الكوفة قال ربي على معنى قال محمد ربي.
يعلم القول وكذا هو في مصاحفهم، وهو السميع لما تكلموا به، العليم بما قالوا.
قوله: بل قالوا معنى بل ههنا انتقال إلى خبر آخر عنهم، على أن الأول مفروغ عنه، وليس معنى بل من الله على الترك للأول بإبطال له، والمشركون مما دخلتهم من الحيرة في أمر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يدرون ما قصته، فمرة قالوا للقرآن: إنه سحر.
ومرة قالوا: أضغاث أحلام قال قتادة: تخاليط أحلام رآها في النوم.
ومرة قالوا: إنه مفتر، وهو قوله: بل افتراه أي: اختلقه من نفسه، ﴿بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ﴾ [الأنبياء: ٥] قال ابن عباس: بآية مثل الناقة والعصا.
قال الزجاج: اقترحوا الآيات التي لا يقع معها إمهال.
فقال الله مجيبا لهم: ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦] قبل مشركي مكة، من قرية يعني أهلها، أهلكناها وصف للقرية، والمعنى: ما آمنت قرية مهلكة بالآيات المرسلة، أفهم يؤمنون يعني أن الأمم التي أهلكناها بتكذيب الآيات لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم، فكيف يؤمن هؤلاء؟ يعني أن مجيء الآيات لو كان سببا للإيمان من غير إرادة الله لهم ذلك، لكان سببا لإيمان أولئك، فلما أبطل أن يكون سببا لإيمان أولئك، بطل أن يكون سببا لإيمان هؤلاء.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {٧﴾ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿٨﴾ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴿٩﴾ } [الأنبياء: ٧-٩] قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ [الأنبياء: ٧] لقولهم: هل هذا إلا بشر مثلك؟ يقول الله: لم نرسل قبل محمد إلا رجالا من بني آدم، لا ملائكة.
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ [الأنبياء: ٧] يعني: أهل الكتابين في قول أكثر المفسرين.


الصفحة التالية
Icon