أَيُّوبُ، أَمَا تَشْبَعُ مِنَ الدَّاخِلِ حَتَّى تَتْبَعَ الْخَارِجَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ بَرَكَةٌ مِنْ بَرَكَاتِ رَبِّي، وَلَسْتُ أَشْبَعُ مِنْهَا
} رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ﴿ [الأنبياء: ٨٤] أي: فعلنا ذلك به رحمة من عندنا،﴾ وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴿ [الأنبياء: ٨٤] قال ابن عباس: موعظة للمطيعين.
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴿٨٥﴾ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٨٦﴾ ﴿ [الأنبياء: ٨٥-٨٦] قوله: وذا الكفل قال عطاء: إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل أوحى الله إليه أني أريد قبض روحك، فاعرض ملكك على بني إسرائيل، فمن يكفل لك أنه يصلي بالليل لا يفتر، ويصوم النهار ولا يفطر، ويقضي بين الناس فلا يغضب، فادفع إليه ملكك ففعل ذلك، فقام شاب فقال: أنا أتكفل لك بهذا فتكفل بذلك، ووفى به فشكر الله له ونبأه ولذلك سمي ذا الكفل، وقوله:﴾ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴿ [الأنبياء: ٨٥] أي: على طاعة وعن معاصي الله،﴾ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿ [الأنبياء: ٨٦] يعني: ما أنعم الله به عليهم من النبوة، وما صيرهم إليه في الجنة من الثواب.
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٨﴾ ﴿ [الأنبياء: ٨٧-٨٨] وذا النون يعنى: يونس بن متى عليه السلام، حبسه الله في بطن النون، وهو الحوت،﴾ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ﴿ [الأنبياء: ٨٧] قال الضحاك: مغاضبا لقومه.
وهو قول ابن عباس في رواية العوفي، قال: إن شعياء النبي، والملك الذي كان في وقته، وذلك أن القوم أرادوا أن يبعثوه إلى ملك قد غزا بني إسرائيل، وسبي الكثير منهم ليكلمه حتى يرسل معه بني إسرائيل، فقال يونس لشعياء: هل أمرك الله بإخراجي؟ قال: لا.
قال: فهل سماني لك قال: لا.
قال: فههنا غيري أنبياء، فألحوا عليه فخرج مغاضبا للنبي وللملك ولقومه، فأتى بحر الروم، فكان من قصته ما كان، وإنما حبس في بطن الحوت بتركه ما أمره به شعياء وقومه لأن الله تعالى، قال فيه:﴾
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ { [الصافات: ١٤٢] والمليم: الذي أتى ما يلام عليه، وقال جماعة من المفسرين: إن يونس لما أخبر قومه عن الله أنه منزل العذاب بهم لأجل معلوم ثم بلغه بعد ما مضى الأجل أنه لم يأتهم ما وعدهم خشي أن ينسب إلى الكذب ويعير به سيما ولم تكن قرية آمنت عند حضور العذاب فنفعها إيمانها غير قومه


الصفحة التالية
Icon