آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴿٤٩﴾ } [المؤمنون: ٤٥-٤٩] وقوله: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا﴾ [المؤمنون: ٤٥] يعني: الدلائل التي كانت لهما، ﴿وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [المؤمنون: ٤٥] وحجة بينة، يعني اليد والعصا.
﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا﴾ [المؤمنون: ٤٦] قال ابن عباس: عن عبادة الله تعالى.
وقال مقاتل: تكبروا عن الإيمان بالله.
﴿وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٦] قاهرين للناس بالبغي والتطاول عليهم، وهو معنى قول ابن عباس: علوا على بني إسرائيل علوا كبيرا.
وقال مقاتل: يعني متكبرين عن توحيد الله.
يدل عليه قوله تعالى: ﴿فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا﴾ [المؤمنون: ٤٧] أنصدق إنسانين من لحم ودم ليس لهما علينا فضل؟ ﴿وَقَوْمُهُمَا﴾ [المؤمنون: ٤٧] يعني: بني إسرائيل، ﴿لَنَا عَابِدُونَ﴾ [المؤمنون: ٤٧] قال ابن عباس: مطيعون.
قال أبو عبيدة: العرب تسمي كل من دان لملك عابد له.
وقال المبرد: العابد المطيع الخاضع.
﴿فَكَذَّبُوهُمَا﴾ [المؤمنون: ٤٨] يعني: موسى وهارون، ﴿فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٨] بتكذيبهما.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ [المؤمنون: ٤٩] التوراة جملة واحدة، ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [المؤمنون: ٤٩] لكي يهتدوا به من الضلالة، قال مقاتل: يعني بني إسرائيل، لأن التوراة أنزلت بعد هلاك فرعون وقومه.
قوله: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ [المؤمنون: ٥٠] ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠] هذا كقوله: ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ٩١] وقد تقدم، وقوله: ﴿وَآوَيْنَاهُمَا﴾ [المؤمنون: ٥٠] أي: وجعلناهما يأويان ويرجعان، ﴿إِلَى رَبْوَةٍ﴾ [المؤمنون: ٥٠] وهي المكان المرتفع من الأرض، قال ابن عباس: يريد دمشق.
وهو قول سعيد بن المسيب، ومقاتل، ورواية عكرمة، عن ابن عباس.
وقال عطاء، عن ابن عباس: يريد بيت المقدس.
وهو قول قتادة، وكعب، قال: وهو أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
وقال السدي: إنها أرض فلسطين.
وهو قول أبي هريرة، وقوله: ﴿ذَاتِ قَرَارٍ﴾ [المؤمنون: ٥٠] أي: مستوية يستقر عليها ساكنوها، والمعنى: ذات موضع قرار، ﴿وَمَعِينٍ﴾ [المؤمنون: ٥٠] يعني: الماء الجاري الظاهر الذي تراه العيون.
﴿يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {٥١﴾ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٥٣﴾ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ﴿٥٤﴾ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ ﴿٥٦﴾ } [المؤمنون: ٥١-٥٦] قوله: ﴿يَأَيُّهَا الرُّسُلُ﴾ [المؤمنون: ٥١] قال الحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والكلبي، ومقاتل: يعني محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده، على مذهب العرب في مخاطبة الواحد مخاطبة الجمع، ويتضمن هذا أن الرسل جميعا كذي أمروا.
قوله: ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥١] قال ابن عباس: من الحلال.
وقال الضحاك: أمرهم ألا يأكلوا إلا حلالا طيبا.
وقال الحسن: أما والله ما عنى به أصفركم ولا


الصفحة التالية
Icon