فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ} [القصص: ٨٥].
والتشديد في فرضناها لكثرة ما فيها من الفرائض المذكورة في القرآن، وقال مجاهد: يعني الأمر بالحلال والنهي عن الحرام.
وهذا يعود إلى معنى أوحيناها.
قوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢] معنى الجلد ضرب، الجلد يقال: جلده إذا ضرب جلده، مثل رأسه وبطنه إذا ضرب رأسه وبطنه، ومعنى الآية: الزانية والزاني إذا كانا حرين بالغين بكرين فاجلدوهما مائة جلدة هذا يجب بنص الكتاب، ويجب بالسنة تغريب.
٦٥٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، نا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، نا قُتَيْبَةُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالا: أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْشُدُكَ اللَهَ إِلا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ: نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ، قَالَ: إِنَّ ابْنِي عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَا بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي مِائَةَ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدِ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا إِنِ اعْتَرَفَتْ، قَالَ: فَغَدَا إِلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُجِمَتْ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ كِلاهُمَا، عَنْ قُتَيْبَةَ
وقوله: ﴿وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ﴾ [النور: ٢] يقال: رأف رأفة ورآفة، مثل النشأة والنشاءة.
وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة، ولعلها لغة، والمعنى: لا تأخذكم الرأفة بهما فتعطلوا الحدود، ولا تقيموها رحمة عليهما وشفقة بهما، وهذا قول عطاء، ومجاهد.
وقال الحسن، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم، قالوا: يوجع الزاني ضربا ولا يخفف رأفة.
وقوله: ﴿فِي دِينِ اللَّهِ﴾ [النور: ٢] قال ابن عباس: في حكم الله، كقوله: ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ [يوسف: ٧٦] أي في حكمه.
﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٢] وبالبعث، ﴿وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [النور: ٢] قال مقاتل: إن كنتم تصدقون بتوحيد الله وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، فلا تعطلوا الحدود.
وهذا يقوي القول الأول، لأن هذا كالوعيد في ترك الحدود، ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا﴾ [النور: ٢] وليحضر ضربهما، ﴿طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢] نفر من المسلمين، يكون ذلك نكالا لهما، وقال الحسن: أمر أن يعلن ذلك.