أَبِي، أنا أَبُو عَامِرٍ، نا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جِنَازَةً، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَإِذَا الإِنْسَانُ دُفِنَ، فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، جَاءَهُ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ، فَأَقْعَدَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا؛ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ لَهُ: صَدَقْتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ، فَأَمَّا إِذْ آمَنْتَ، فَهَذَا مَنْزِلُكَ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُرِيدُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، أَوْ مُنَافِقًا، يَقُولُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا، فَقُلْتُ، فَيُقَالُ: لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ وَلا هُدِيتَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ: هَذَا لَكَ لَوْ آمَنْتَ، فَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ، فَإِنَّ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، أَبْدَلَكَ بِهِ هَذَا، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ يُقْمِعُهُ بِالْمِطْرَاقِ قَمْعَةً، يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مَطْرَقَةٌ، إِلا هِيلَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ»
وقوله: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ [إبراهيم: ٢٧] يعني: لا يلقن الله المشركين والكافرين حتى إذا سئلوا في قبورهم قالوا: لا ندري.
قال الفراء: يضلهم عن هذه الكلمة.
﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: ٢٧] من تثبيت المؤمن وتلقينه الصواب، وإضلال الكافر، قال الفراء: أي لا تكون له قدرة، ولا يسأل عما يفعل.
قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ {٢٨﴾ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴿٢٩﴾ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴿٣٠﴾ } [إبراهيم: ٢٨-٣٠] ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ [إبراهيم: ٢٨] قال جماعة المفسرين: هم مشركو مكة كفار قريش، أنعم الله عليهم بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكفروا به، ودعوا قومهم إلى الكفر به، وذلك قوله: وأحلوا قومهم يعني الذين اتبعوهم، ﴿دَارَ الْبَوَارِ﴾ [إبراهيم: ٢٨] أي الهلاك، يعني جهنم، ألا ترى أنه فسرها، فقال: جهنم يصلونها يقاسون حرها، وبئس القرار بئس المقر هي.
٥٠١ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، نا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، نا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، عَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا؛ قَالَ: هُمُ الأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ، بَنُو الْمُغِيرَةِ، وَبَنُو أُمَيَّةَ؛ فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَى حِينٍ
وقوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ [إبراهيم: ٣٠] قال ابن عباس: