لأبي بكر وأم عائشة، ولصفوان بن المعطل.
وقوله: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ﴾ [النور: ١١] يعني: من العصبة الكاذبة، ﴿مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ﴾ [النور: ١١] جزاء ما اجترح من الذنب على قدر ما خاض فيه، ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ [النور: ١١] استبد بمعظمه وانفرد به، قال الضحاك: قام بإشاعة الحديث.
وكبر الشيء: معظمه بالكسر، وهو عبد الله بن أبي في قول مجاهد، ومقاتل، والسدي، وعطاء، عن ابن عباس.
وقوله: مِنْهُم يعني: من العصبة الكاذبة، ﴿لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١١] قال ابن عباس: يريد في الدنيا الجلد، جلده رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانين جلدة، وفي الآخرة يصيره الله إلى النار.
ثم أنكر على الذين خاضوا في الإفك، فقال: ﴿لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ {١٢﴾ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴿١٣﴾ } [النور: ١٢-١٣] ﴿لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ﴾ [النور: ١٢] هلا إذ سمعتم أيها العصبة الكاذبة قذف عائشة بصفوان، ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ﴾ [النور: ١٢] من العصبة الكاذبة، يعني: حمنة بنت جحش، وحسان، ومسطحا، ﴿بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ١٢] قال الحسن: بأهل دينهم، لأن المؤمنين كنفس واحدة، ألا ترى إلى قوله: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩].
قال الزجاج: ولذلك يقال للقوم الذين يقتل بعضهم بعضا: إنهم يقتلون أنفسهم.
وقال المبرد: ومثله قوله: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤].
﴿وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾ [النور: ١٢] هذا القذف كذب بين.
﴿لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور: ١٣] هلا جاء العصبة الكاذبة على قذفهم عائشة بأربعة شهداء يشهدون بأنهم عاينوا منها ما رموها به، ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [النور: ١٣] في حكمه، ﴿هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور: ١٣].
ثم ذكر الذين قذفوا عائشة، فقال: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {١٤﴾ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴿١٥﴾ } [النور: ١٤-١٥] ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [النور: ١٤] ولولا ما مَنَّ الله به عليكم، ﴿لَمَسَّكُمْ﴾ [النور: ١٤] لأصابكم، ﴿فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ﴾ [النور: ١٤] فيما أخذتم وخضتم فيه من الكذب والقذف، ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٤] في الدنيا والآخرة، قال ابن عباس: عذاب لا انقطاع له.
ثم ذكر الوقت الذي كان يصيبهم العذاب لولا فضله، فقال: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾ [النور: ١٥] قال مجاهد، ومقاتل: بعضكم عن بعض.
وقال الكلبي: وذلك أن الرجل منهم كان يلقى الرجل، فيقول: بلغني كذا وكذا، يتلقونه تلقيا.
قال الزجاج: معناه يلقيه بعضكم إلى بعض.
﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ [النور: ١٥] من غير أن تعلموا أن الذي قلتم حق، ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾ [النور: ١٥] تظنون أن ذلك القذف سهل لا إثم فيه، ﴿وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٥] في الوزر.
ثم زاد في الإنكار عليهم، فقال: {


الصفحة التالية
Icon