وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴿١٦﴾ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿١٧﴾ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿١٨﴾ } [النور: ١٦-١٨] ﴿وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا﴾ [النور: ١٦] ما يحل وما ينبغي لنا، ﴿أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾ [النور: ١٦]، سبحانك ههنا معناه كقول الأعمش:

أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر
﴿هَذَا بُهْتَانٌ﴾ [النور: ١٦] افتراء وكذب، عَظِيم يتحير من عظمه.
ثم وعظ الذين خاضوا في الإفك، فقال: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ﴾ [النور: ١٧] قال ابن عباس: يحرم الله عليكم.
وقال مجاهد: ينهاكم الله.
﴿أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا﴾ [النور: ١٧] لمثل هذا القذف، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ١٧] يعني أن من شرط الإيمان ترك قذف المحصنة.
﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ﴾ [النور: ١٨] في الأمر والنهي، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ [النور: ١٨] بأمر عائشة، حَكِيم حكم ببراءتها.
ثم هدد القاذفين، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: ١٩] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾ [النور: ١٩] أن يفشو ويظهر الزنا، ﴿فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [النور: ١٩] بأن ينسبوها إليهم ويقذفوهم بها، ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا﴾ [النور: ١٩] يعني الجلد، ﴿وَالآخِرَةِ﴾ [النور: ١٩] يعني عذاب النار، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ﴾ [النور: ١٩] سر ما خضتم فيه وما فيه من سخط الله، ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: ١٩] ذلك.
ثم ذكر فضله ومنته عليهم بتأخير العقوبة، فقال: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ {٢٠﴾ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٢١﴾ } [النور: ٢٠-٢١] ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ [النور: ٢٠] لعاقبكم فيما قلتم لعائشة، وهذا جواب لولا، وهو محذوف، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٠] رءوف بكم، ورحمكم فلم يعاقبكم في أمر عائشة، قال ابن عباس: يريد مسطحا وحمنة وحسان.
قوله: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [النور: ٢١] قال مقاتل: يعني تزيين الشيطان في قذف عائشة.
﴿وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [النور: ٢١] قال ابن عباس: بعصيان الله وكل ما يكره الله مما لا يعرف في شريعة ولا سنة.
﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ [النور: ٢١] قال مقاتل: ما صلح.
والزكاة تكون بمعنى الصلاح، يقال: زكى يزكو زكاة.
وقال ابن قتيبة: ما ظهر.
والآية على العموم عند بعض المفسرين، قالوا: أخبر الله أنه لولا فضله ورحمته بالعصمة ما صلح أحد.
وآخرون يقولون: هذا الخطاب للذين خاضوا في


الصفحة التالية
Icon