الإفك.
والمعنى: ما ظهر من هذا الذنب ولا صلح أمره بعد الذي فعل، وهو قول ابن عباس في رواية عطاء، قال: ما قبل توبة أحد منكم، ﴿أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النور: ٢١] قال: فقد شئت أن أتوب عليكم لأن الله يطهر من يشاء من الإثم بالرحمة والمغفرة فيوفقه للتوبة.
﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٢١] علم ما في نفوسكم من الندامة والتوبة.
قوله: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢] ﴿وَلا يَأْتَلِ﴾ [النور: ٢٢] قال جماعة المفسرين: لا يحلف.
يقال: ألى يؤلي إيلاء، ويألى يتألى تأليا، وائتلى ائتلاء، إذا حلف.
وقوله: ﴿أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ [النور: ٢٢] يعني: أولو الغنى والسعة في المال، وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حلف أن لا ينفق على مسطح، وكان ابن خالته، ولا يصله بشيء أبدا، وذلك قوله: ﴿أَنْ يُؤْتُوا﴾ [النور: ٢٢] قال الزجاج: أن لا يؤتوا فحذف لا.
﴿أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النور: ٢٢] يعني مسطحًا، وكان من المهاجرين، قال ابن عباس: قال الله لأبي بكر: قد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل والمعرفة بالله وصلة الرحم، وعندك السعة، فتعطف على مسطح، فله قرابة، وله هجرة، وله مسكنة.
وقوله: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢] قال مقاتل: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر: أما تحب أن يغفر الله لك.
قال: بلى.
قال: فاعف واصفح.
قال: قد عفوت وصفحت، لا أمنعه معروفي أبدا بعد اليوم، وقد جعلت له مثلي ما كان قبل اليوم.
وقالت عائشة لما نزلت هذه الآية: فقال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأطلب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح بالنفقة التي كان ينفق عليه.
وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {٢٣﴾ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٤﴾ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴿٢٥﴾ } [النور: ٢٣-٢٥] قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ [النور: ٢٣] العفائف، ﴿الْغَافِلاتِ﴾ [النور: ٢٣] عن الفواحش كغفلة عائشة عما قيل فيها، ﴿الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النور: ٢٣] المصدقات بتوحيد الله وبرسوله، ﴿لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا﴾ [النور: ٢٣] عذبوا بالجلد ثمانين جلدة، ويعذبون بالنار في، ﴿وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ٢٣] قال مقاتل: هذه الآية خاصة في عبد الله بن أبي المنافق ورميه عائشة.
وقال سعيد بن جبير: هذا الحكم خاصة فيمن يقذف عائشة، فمن قذفها كان من أهل هذه الآية.
وقال الضحاك، والكلبي: هذه الآية في


الصفحة التالية
Icon