أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٣٣﴾ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٣٤﴾ } [النور: ٣٢-٣٤] قوله: ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢] يقال: فلانة أيم إذا لم يكن لها زوج، بكرا كانت أو ثيبا، والجمع أيامى، والأصل أيائم فقلبت، ورجل أيم لا زوج له، قال السدي: من لم يكن له زوج من امرأة أو رجل فهو أيم.
وهذا قول جماعة المفسرين، والمعنى: زوجوا أيها المؤمنون من لا زوج له من أحرار رجالكم ونسائكم، وهذا الأمر ندب واستحباب.
٦٦٠ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي، وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ»
٦٦١ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْبُوشَنْجِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ وَاقِدٍ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»
٦٦٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، أنا أَبُو سَعِيدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ الْبَجَلِيُّ، نا أَبُو كُرَيْبٍ، نا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَقَالَ: تَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَتَزَوَّجْ، قَالَ: وَلَقِيَنِي فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَقَالَ: هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ فَقُلْتُ: لا، فَقَالَ: اذْهَبْ فَتَزَوَّجْ، فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ كَانَ أَكْثَرَهَا نِسَاءً؛ يَعْنِي: النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور: ٣٢] قال مقاتل: يقول: زوجوا المؤمنين من عبادكم وإمائكم، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، فمعنى الصلاح ههنا الإيمان، ثم رجع إلى الأحرار، فقال: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ﴾ [النور: ٣٢] لا سعة لهم للتزوج، ﴿يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٢] وعدهم أن يوسع عليهم عند التزوج، قال الزجاج: حث الله على النكاح، وأعلم أنه سبب لنفي الفقر.
وقال قتادة: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول: ما رأيت مثل رجل لم يلتمس الغنى في الباءة، والله يقول: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٢].
﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ﴾ [النور: ٣٢] لخلقه، ﴿عَلِيمٌ﴾ [النور: ٣٢] بهم.
قوله: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا﴾ [النور: ٣٣] أي: وليطلب العفة عن الزنا والحرام من لا يجد ما ينكح به من صداق ونفقة، ﴿حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٣] يوسع عليهم من رزقه، ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ﴾ [النور: ٣٣] يطلبون المكاتبة، ﴿مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النور: ٣٣] من العبيد والإماء، يقال: كاتب الرجل عبده وأمته مكاتبة وكتابا فهو مكاتب، والعبد مكاتب،