الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥١﴾ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٥٢﴾ } [النور: ٤٧-٥٢] ﴿وَيَقُولُونَ﴾ [النور: ٤٧] يعني المنافقين، ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [النور: ٤٧] صدقنا بتوحيد الله، ﴿وَبِالرَّسُولِ﴾ [النور: ٤٧] محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿وَأَطَعْنَا﴾ [النور: ٤٧] هما فيما حكما، ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ﴾ [النور: ٤٧] يعرض عن طاعتهما طائفة، ﴿مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [النور: ٤٧] من بعد قولهم آمنا، ﴿وَمَا أُولَئِكَ﴾ [النور: ٤٧] الذين يعرضون عن حكم الله ورسوله، ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٤٧].
﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ﴾ [النور: ٤٨] إلى كتاب الله، ﴿وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ [النور: ٤٨] الرسول فيما اختصموا فيه، ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [النور: ٤٨] عما يدعوا إليه.
﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ [النور: ٤٩] مسرعين طائعين، قال الزجاج: الإذعان الإسراع مع الطاعة.
يقال: أذعن لي بحق، أي: طاوعني فيما كنت ألتمس منه وصار يسرع إليه.
أخبر الله أن المنافقين يعرضون عن حكم الرسول لعلمهم بأنه يحكم بالحق، فإذا كان لهم على غيرهم أسرعوا إلى حكمه لثقتهم بأنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضا.
ثم أخبر بما في قلوبهم من الشك، فقال: ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا﴾ [النور: ٥٠] شكوا في القرآن، وهذا استفهام ذم وتوبيخ، ﴿أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ [النور: ٥٠] الحيف الميل في الحكم، فيقال: حاف في قضيته، أي جار فيما حكم.
﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [النور: ٥٠] أي: لا يظلم الله ورسوله في الحكم بل هم الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والإعراض عن حكم الرسول.
ثم تعب الصادقين من إيمانهم، فقال: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [النور: ٥١] قال مقاتل، وابن عباس: يقولون سمعنا قول النبي، وأطعنا أمره، وإن كان ذلك فيما يكرهونه ويضر بهم.
ثم أثنى على من أطاعهما، فقال: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النور: ٥٢] قال ابن عباس: يريد فيما ساءه وسره.
﴿وَيَخْشَ اللَّهَ﴾ [النور: ٥٢] في ذنوبه التي عملها، ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ [النور: ٥٢] فيما بعد لم يعصه، وقراءة العامة يتقيه موصولة بياء هو الوجه، لأن ما قبل الهاء متحرك وحكمها إذا تحرك ما قبلها أن يتبعها الياء في الوصل، وروى قالون بكسر الهاء ولا يبلغ بها الياء لأن حركة ما قبل الهاء ليست تلزم ألا ترى أن الفعل إذا رفع... اختير حذف الياء بعد الهاء مثل عليه، وقرأ أبو عمرو ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ [النور: ٥٢] جزما، وذلك أن ما يلحق هذه الهاء من الواو والياء زائدا، فرد إلى الأصل وحذف الزيادة، وقرأ حفص ساكنة القاف مك { [الهاء، قال ابن الأنباري: وهو على لغة من يقول: لم أزيدا ولم أشتر طعاما ما... يسقطون الياء للجزم، ثم يسكنون الحرف الذي قبلها، ومنه قول الشاعر:
قال سليمى اشتر لنا دقيقا