أن السلام مباركا طيب لما فيه من الأجر والثواب.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ [النور: ٦١] أي: كبيانه في هذه الآية، ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ﴾ [النور: ٦١] يفصل الله لكم معالم دينكم، ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [النور: ٦١] لكي تفهموا عن الله أمره ونهيه.
وقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٦٢] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ﴾ [النور: ٦٢] أي: على أمر طاعة يجتمعون عليها، نحو الجمعة، والفطر، والجهاد، وأشباه ذلك.
﴿لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ [النور: ٦٢] قال المفسرون: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث يراه، فيعرف أنه إنما قام ليستأذن، فيأذن لمن شاء منهم، قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده.
وقال الزجاج: أعلم الله أن المؤمنين إذا كانوا مع نبيه فيما يحتاج فيه إلى الجماعة لم يذهبوا حتى يستأذنوه، وكذلك ينبغي أن يكونوا مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه في جمع من جموعهم إلا بإذنه، وللإمام أن يأذنه وله أن لا يأذن على ما ترى، لقوله عز وجل: ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ﴾ [النور: ٦٢].
أي: واستغفر لهم لخروجهم عن الجماعة إن رأيت لهم عذرا.
﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣] قوله: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣] علمهم الله فضل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سائر البرية في المخاطبة، وأمرهم أن يفخموه ويشرفوه ولا يقولوا له عند دعائه: يا محمد، يا ابن عبد الله، كما يدعو بعضهم بعضا، قولوا: يا رسول الله، يا نبي الله، في لين وتواضع وخفض صوت، وقوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾ [النور: ٦٣] التسلل الخروج في خفية، يقال: تسلل فلان من بين أصحابه إذا خرج من جملتهم، واللواذ أن يستتر بشيء، قال ابن عباس: هو أن يلوذ بغيره فيهرب، وذلك أن المنافقين كان يثقل عليهم خطبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة، فيلوذون ببعض أصحابه فيخرجون من المسجد من غير استئذان.
ومعنى ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ﴾ [النور: ٦٣] التهديد بالمجازاة، ثم حذرهم بالفتنة والعذاب، فقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور: ٦٣] أي يعرضون عن أمره، ودخلت عن لتضمن المخالفة معنى الإعراض، ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾ [النور: ٦٣] قال