التي قبلها.
﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٢٦] أي: الملك الذي هو الملك حقا ملك الرحمن يوم القيامة، قال ابن عباس: يريدون أن يوم القيامة لا ملك يقضي غيره.
﴿وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ [الفرقان: ٢٦] عسر عليهم ذلك اليوم لشدته ومشقته، ويهون على المؤمنين كأدنى صلاة صلوها في دار الدنيا، وفي الآية تبشير للمؤمنين حيث خص الكافرين بشدة ذلك اليوم.
قوله: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾ [الفرقان: ٢٧] قال مجاهد: إن عقبة بن أبي معيط دعا مجلسا فيهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام، فأبى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأكل، وقال: لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.
فشهد بذلك عقبة، فبلغ ذلك أبي بن خلف، وكان خليلا له، فقال: صبوت يا عقبة.
فقال: لا والله ما صبوت، وإن أخاك على ما تعلم، ولكني صنعت طعاما فأبى أن يأكل حتى قلت ذلك، وليس من نفسي.
فأنزل الله ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ﴾ [الفرقان: ٢٧] يعني: عقبة على يديه تحسرا وندما، قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين، ثم تنبتان، لا يزال هكذا كلما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل.
﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا﴾ [الفرقان: ٢٧] ليتني اتبعت محمدا واتخذت معه سبيلا إلى الهدى.
﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا﴾ [الفرقان: ٢٨] يعني أبيا.
﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ [الفرقان: ٢٩] صرفني وردني عن القرآن والإيمان بعد إذ جاءني مع الرسول، وتم الكلام ههنا، ثم قال الله تعالى: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا﴾ [الفرقان: ٢٩] يعني: الكافر يتبرأ منه يوم القيامة.
قوله: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا {٣٠﴾ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴿٣١﴾ } [الفرقان: ٣٠-٣١] ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ﴾ [الفرقان: ٣٠] يعني: محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشكو قومه إلى الله، ﴿يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠] قال ابن عباس: هجروا القرآن وهجروني وكذبوني.
وقال مقاتل: تركوا الإيمان بالقرآن وجانبوه.
والمعنى: جعلوه مهجورا متروكا لا يستمعونه ولا يتفهمونه.
فعزاه الله عز وجل، فقال: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الفرقان: ٣١] أي: وكما جعلنا لك يا محمد أعداء من مشركي قومك، كذلك جعلنا لكل نبي عدوا من كفار قومه، قال مقاتل: يقول لا يكبرن عليك فإن الأنبياء قبلك قد لقيت هذا التكذيب من قومهم.
﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان: ٣١] هاديا لك وناصرا لك على أعدائك.
قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا {٣٢﴾ وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴿٣٣﴾ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلا ﴿٣٤﴾ } [الفرقان: ٣٢-٣٤] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢] قال الكفار لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هلا أتيتنا بقرآن


الصفحة التالية
Icon