قال المفسرون: وكان الشرذمة الذين ملكهم فرعون ست مائة ألف، ولا يحصى عدد أصحاب فرعون.
قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ﴾ [الشعراء: ٥٥] يقال: غاظه وأغاظه وغيظه إذا أغضبه، والغيظ الغضب، ومنه قوله تعالى: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨].
قال مقاتل: وإنهم لنا لغائظون بقتلهم أبكارنا، ثم هربهم منا.
وقال غيره: أي بما أخذوه من العواري التي اتخذوها في الحلي، وخروجهم من أرضنا على مخالفة لنا.
وإنا لجميع حذرون وقرئ حاذرون قال الفراء: الحاذر الذي يحذرك الآن، والحذر المخلوق كذلك لا تلقاه إلا حذرا.
وقال الزجاج: الحاذر المستعد، والحذر المتيقظ.
وقال أبو عبيدة: رجل حذر وحذر وحاذر.
وأهل التفسير يقولون في تفسير حاذرون مؤدون مقوون، أي: ذوو أداء وقوة مستعدون شاكرون.
ومعنى حذرون: خائفون شرهم.
﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ﴾ [الشعراء: ٥٧] يعني: فرعون وقومه، ﴿مِنْ جَنَّاتٍ﴾ [الشعراء: ٥٧] قال مقاتل: يعني البساتين.
﴿وَعُيُونٍ﴾ [الشعراء: ٥٧] أنهار جارية.
﴿وَكُنُوزٍ﴾ [الشعراء: ٥٨] يعني: الأموال الظاهرة من الذهب والفضة، سمي كنزا لأنه لم يعط حق الله منها، وما لم يعط حق الله منه فهو كنز، وإن كان ظاهرا.
﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ [الشعراء: ٥٨] قال المفسرون: هو المجلس الحسن من مجالس الأمراء والرؤساء التي كان يحف بها الأتباع.
﴿كَذَلِكَ﴾ [الشعراء: ٥٩] كما وصفنا، ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ٥٩] وكذلك إن الله رد بني إسرائيل إلى مصر بعدما أغرق فرعون وقومه، فأعطاهم جميع ما كان لقوم فرعون من الأموال والعقار والمساكن.
وقوله: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ {٦٠﴾ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴿٦١﴾ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴿٦٢﴾ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴿٦٣﴾ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ ﴿٦٤﴾ وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ﴿٦٥﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ﴿٦٦﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٦٧﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٦٨﴾ } [الشعراء: ٦٠-٦٨] ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ [الشعراء: ٦٠] يعني: قوم فرعون أدركوا موسى وأصحابه حين شرقت الشمس.
وذلك قوله: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾ [الشعراء: ٦١] أي: تقابلا بحيث يرى كل فريق منهم صاحبه، قال مقاتل: عاين بعضهم بعضا.
﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: ٦١] أي: سيدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا بهم.
﴿قَالَ﴾ [الشعراء: ٦٢] موسى ثقة بنصر الله: ﴿كَلَّا﴾ [الشعراء: ٦٢] لن يدركونا، ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾ [الشعراء: ٦٢] ينصرني، ﴿سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢] سيدلني على طريق النجاة.
﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣] أي: فضرب، فانفلق، فانشق الماء اثني عشر طريقا، وقام الماء عن يمين الطريق، وعن يساره كالجبل العظيم، فذلك قوله: ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ﴾ [الشعراء: ٦٣] أي: كل قطعة من البحر، ﴿كَالطَّوْدِ﴾ [الشعراء: ٦٣] كالجبل.
{الْعَظِيمِ ﴿٦٣﴾ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ ﴿٦٤﴾ } [الشعراء: ٦٣-٦٤] قربنا إلى البحر فرعون وقومه حتى أغرقناهم، قال مقاتل: قربنا فرعون وجنوده في مسلك بني إسرائيل إلى الغرق.
وذلك أنه لما تتابع آخر جنود فرعون في البحر وخرج آخر بني إسرائيل من البحر، أمر البحر فانطبق عليهم.
فذلك قوله: {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ﴿٦٥﴾ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ﴿٦٦﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} [الشعراء: ٦٥-٦٧] إن في إهلاك فرعون وقومه عبرة لمن بعدهم، ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٦٧] لم يكن أكثر أهل مصر مصدقين


الصفحة التالية
Icon