وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} [الشعراء: ٢١٠] أي القرآن، ﴿الشَّيَاطِينُ﴾ [الشعراء: ٢١٠] قال مقاتل: قالت قريش: إنما تجيء بالقرآن الشياطين فتلقيه على لسان محمد، فأنزل الله ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ﴾ [الشعراء: ٢١٠] أي: بالقرآن، ﴿الشَّيَاطِينُ {٢١٠﴾ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} [الشعراء: ٢١٠-٢١١] أن ينزلوا به، ﴿وَمَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [الشعراء: ٢١١] وما يقدرون أن يأتوا بالقرآن من السماء، قد حيل بينه وبين السمع بالملائكة والشهب، وهو قوله: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٢] قال عطاء: عن استماع القرآن لمحجوبون، لأنهم يرجمون بالنجوم.
﴿فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ {٢١٣﴾ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ﴿٢١٤﴾ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢١٥﴾ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٢١٦﴾ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿٢١٧﴾ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٢١٨﴾ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴿٢١٩﴾ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٢٢٠﴾ } [الشعراء: ٢١٣-٢٢٠] ﴿فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الشعراء: ٢١٣] وذلك حين دعي إلى دين آبائه، فقال الله: لا تعبد معه إلها آخر ﴿فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٣] قال ابن عباس: يحذر به غيره، يقول: أنت أكرم الخلق عليّ، ولو اتخذت من دوني إلها لعذبتك.
قوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] أي: رهطك الأدنين، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب خاصة.
٦٧٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيُّ، نا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ، نا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّادُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِّيَةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
٦٧٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، أنا أَبُو سَعِيدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ بْنِ يَزِيدَ الْبَجَلِيُّ، نا أَبُو كُرَيْبٍ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ ؛ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: يَا صَبَاحَاهُ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ، أَوْ مُمَسِّيكُمْ، مَا كُنتُمْ تُصَدِّقُونِّي؟ قَالُوا: بَلَى،


الصفحة التالية
Icon