فكانت قريش تسميه ذا القلبين، وكذبه الله تعالى في ذلك، وأخبر أنه ما خلق لأحد قلبين، ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤] يقال: ظاهر من امرأته وتظاهر وتظهر، وهو أن يقول لها: أنت عليّ كظهر أمي، وكانت العرب تطلق نساءها في الجاهلية بهذا اللفظ، فلما جاء الإسلام نُهُوا عنه، وأوجبت الكفارة على من ظاهر من امرأته في ﴿ [المجادلة، فمن قرأ تظهرون بفتح التاء وتشديد الظاء أراد تتظهرون، فأدغم التاء في الظاء، وقرأ عاصم تظاهرون من المظاهرة، وقرأ حمزة تظاهرون فحذف تاء تتفاعلون، وأدغم ابن عامر هذه التاء التي حذفها حمزة وقرأ بفتح وتشديد الظاء، ثم أعلم الله أن الزوجة لا تكون أُمًا، فقال:] وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [سورة الأحزاب: ٤] أي: ما جعل نساءكم اللاتي تقولون هُنَّ علينا كظهور أمهاتنا في التحريم كما تقولون، ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤] الأدعياء جمع الدَّعِيُّ، وهو الذي يدعى ابنا لغير أبيه، نزلت في زيد بن حارثة، تبناه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كالعبادة التي كانت للعرب في الجاهلية، فلما تزوج زينب بنت جحش التي كانت امرأة زيد، قلت اليهود والمنافقون: تزوج محمد امرأة ابنه.
فأنزل الله هذه الآية إبطالا لما قالوا، تكذيبا لهم أنه ابنه، وإخبارا أن الدعي لا يكون ابنا، وقوله: ﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤] أي: ادعاءكم نسب من لا حقيقة لنسبه، قول بالفم لا حقيقة له، ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ﴾ [الأحزاب: ٤] وهو أنه ما جعل الدعي ابنا، ﴿وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: ٤] يدل على طريق الحق.
﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٥] انسبوهم إلى آبائهم الذين ولدوهم، هو أقسط أعدل، عند الله.
٧٤١ - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نُعَيْمٍ الإِشْكَابِيُّ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَلَيْهِ السَّلامُ، حَتَّى نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ
﴿فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] أي: فهم إخوانكم، في الدين يعني: من أسلم منهم، ومواليكم وبنو عمكم، قال الزجاج: ويجوز أن يكون ومواليكم وأولياؤكم في الدين.
﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ [الأحزاب: ٥] قال قتادة: ولو دعوت رجلا لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه، لم يكن عليك بأس، ولكن ما تعمدت قلوبكم ولكن الإثم من الذي تعمدت قلوبكم من دعائهم إلى غير آبائهم، ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ [الأحزاب: ٥] لما كان من قولكم قبل النهي، رحيما لكم.
قوله: {