النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الأحزاب: ٦] ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦] أي: إذا حكم عليهم بشيء فقد نفذ حكمه ووجبت طاعته عليهم، قال ابن عباس: إذا دعاهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي أولى من طاعة أنفسهم.
وأزواجه أمهاتهم في حرمة نكاحهن، فلا يحل لأحد التزوج بواحدة منهن، كما لا يحل التزوج بالأم، وهذه الأمومة تعود إلى حرمة نكاحهن لا غير، لأنه لم يثبت شيء من أحكام الأمومة بين المؤمنين وبينهن سوى هذه الواحدة، ألا ترى أنه لا يحل رؤيتهن، ولا يرثن المؤمنين ولا يرثونهن، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: وأزواجه أمهاتهم في معنى دون معنى، وهو أنهن محرمات على التأبيد، وما كن محارم في الخلوة والمسافرة.
وهذا معنى ما روى مسروق، عن عائشة، رضي الله عنها، أن امرأة قالت لها: يا أمه.
فقالت: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم.
فبان بهذا أن معنى هذه الأمومة تحريم نكاحهن فقط، وعلى هذا لا يجوز أن يقال لبناتهن هن أخوات المؤمنين، ولا لإخوانهن أخوال المؤمنين وخالات المؤمنين، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه، وهي أخت أم المؤمنين، ولم يقل: وهي خالة المؤمنين.
وقوله: ﴿وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦] مفسر في ﴿ [الأنفال إلى قوله:] مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ [سورة الأحزاب: ٦] يعني أن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا بالهجرة والإيمان كما كانوا يفعلون قبل النسخ، ﴿إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: ٦] استثناء ليس من الأول، المعنى: لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا جائز، وذلك أن الله لما نسخ التوارث بالحلف والهجرة أباح الوصية للمعاقدين، فيوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلثه، فمعنى المعروف ههنا الوصية، وقوله: كان ذلك يعني نسخ الميراث بالهجرة ورده إلى ذوي الأرحام من القرابات، ﴿فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾ [الأحزاب: ٦] يريد في اللوح المحفوظ مكتوبا.
قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {٧﴾ لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿٨﴾ } [الأحزاب: ٧-٨] ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ﴾ [الأحزاب: ٧] قال قتادة: أخذ الله تعالى الميثاق على النبيين خصوصا أن يصدق بعضهم بعضا، ويتبع بعضهم بعضا.
وقال مقاتل: أخذ ميثاقهم على أن يعبدوا الله، ويدعوا إلى عبادة الله، وأن يصدق بعضهم بعضا، وأن ينصحوا لقومهم.
وقوله: ومنك أخرجه، والأربعة الذين ذكرهم من جملة النبيين تخصيصا بالذكر لأنهم أصحاب الكتب والشرائع، وقد ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معهم لما:
٧٤٢ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ، نا أَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ، نا بَقِيَّةُ بْنُ