قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ﴿١٧﴾ } [الأحزاب: ١١-١٧] هنالك عند ذلك وفي تلك الحال، ابتلي المؤمنون اختبروا ليتبين المخلص من المنافق، ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ١١] أزعجوا وحركوا إزعاجا شديدا، وذلك أن الخائف يكون قلقا مضطربا لا يستقر على مكانه.
﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢] قال ابن عباس: إن المنافقين قالوا يوم الخندق: إن محمدا يعدنا أن نفتح مدائن كسرى وقيصر ونحن لا نأمن أن نذهب إلى الخلاء.
و ﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: ١٢] وقال قتادة: قال أناس من المنافقين: يعدنا محمد أن يفتح قصور الشام وفارس، وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله.
وقال مقاتل: قالوا: يعدنا محمد اليمن وفارس والروم، ولا نستطيع أن نبرز إلى الخلاء، هذا والله الغرور.
﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾ [الأحزاب: ١٣] قال مقاتل: هم بنو سالم من المنافقين.
وقال السدي: يعني عبد الله بن أبي وأصحابه.
﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ﴾ [الأحزاب: ١٣] قال أبو عبيدة: يثرب اسم أرض ومدينة الرسول عليه السلام في ناحية منها.
﴿لا مُقَامَ لَكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٣] لا مكان لكم تقيمون فيه، وقرأ عاصم بضم الميم، والمعنى: إقامة لكم، يقال: أقمت إقامة ومقاما.
فارجعوا إلى المدينة، وذلك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمين خرجوا عام الخندق حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع، والخندق بينهم وبين القوم، فقال هؤلاء المنافقون الذين ثبطوا الناس عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليس لكم ههنا موضع إقامة لكثرة العدو وغلبة الأحزاب.
﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ﴾ [الأحزاب: ١٣] في الرجوع إلى المدينة، وهم بنو حارثة، وبنو سلمة، ﴿يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ [الأحزاب: ١٣] ليست بحريزة، قال مجاهد، ومقاتل، والحسن: قالوا بيوتنا ضائعة نخشى عليها السراق.
وقال قتادة: قالوا إن بيوتنا مما يلي العدو ولا نأمن على أهلينا، فكذبهم الله، وأعلم أن قصدهم الهرب والفرار، فقال تعالى: ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا﴾ [الأحزاب: ١٣] ما يريدون إلا فرارا من القتال ومضرة للمؤمنين، قال الزجاج: يقال: عور المكان يعور عورا وعورة وهو عو وبيوت عورة وعورة، وهي مصدر.
قال الله تعالى: ولو دخلت المدينة، عليهم يعني هؤلاء الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب من أقطارها نواحيها، ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا﴾ [الأحزاب: ١٤] يعني الشرك في قول الجميع، قال ابن عباس، ومقاتل: يقول الله تعالى: لو أن الأحزاب دخلوا المدينة ثم أمروهم بالشرك لأشركوا، وهو قوله: لآتوها أي: لأعطوهم ما سألوا، وقرأ الحجازيون لأتوها بالقصر، أي لفعلوها، من


الصفحة التالية
Icon