مؤمنين، فقال: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ [الأحزاب: ١٩] أي: هم أظهروا الإيمان فقد نافقوا ليسوا بمؤمنين، ﴿فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ [الأحزاب: ١٩] قال مقاتل: أبطل الله جهادهم لأنه لم يكن في إيمان، وكان ذلك الإحباط، ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٩].
ثم أخبر بما دل على جبنهم، فقال: ﴿يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا﴾ [الأحزاب: ٢٠] ﴿يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا﴾ [الأحزاب: ٢٠] يحسب المنافقون أن الأحزاب معسكرون مقيمون من الخوف الذي نزل بهم، يحسبون أنهم لم يذهبوا إلى مكة، ﴿وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ﴾ [الأحزاب: ٢٠] يرجعون إليهم للقتال، ﴿يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ﴾ [الأحزاب: ٢٠] يتمنوا لو كان في بادية الأعراب خارجون إليهم من الرهبة، والبادون خلاف الحاضرين، يقال: بدا يبدو بداوة وبداوة إذا خرج إلى البادية.
﴿يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٢٠] أي: ودوا لو أنهم بالبعد منكم يسألون عن أخباركم، يقولون: ما فعل محمد وأصحابه؟ فيعرفون حالكم بالاستخبار، لا بالمشاهدة.
﴿وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا﴾ [الأحزاب: ٢٠] قال الكلبي: إلا رميا بالحجارة.
وقال مقاتل: إلا رياء من غير احتساب.
ثم عاب من كان بالمدينة بقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {٢١﴾ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴿٢٢﴾ } [الأحزاب: ٢١-٢٢] ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] قال المفسرون: قدوة صالحة.
ويقال: لي في فلان أسوة حسنة.
يقول: لكم برسول الله اقتداء لو اقتديتم به في تصرفه والصبر معه في مواطن القتال كما فعل هو يوم أحد، إذ كسرت رباعيته، وشج حاجبه، وقتل عمه فواساكم مع ذلك بنفسه، فهلا فعلتم مثل ما فعل هو.
وقوله: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ﴾ [الأحزاب: ٢١] بدل من قوله: لكم وهو تخصيص بعد التعميم للمؤمنين، يعني أن الأسوة برسول الله إنما كانت لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، قال ابن عباس: يرجو ما عند الله من الثواب والنعيم.
وقال مقاتل: يخشى الله ويخشى البعث الذي فيه جزاء الأعمال.
وهو قوله: ﴿وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] أي: ذكرا كثيرا، وذلك إن ذاكر الله متبع لأمره بخلاف الغافل عن ذكره.
ثم وصف حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب بقوله: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [الأحزاب: ٢٢] وذلك أن الله تعالى كان قد وعدهم في { [البقرة بقوله:] أَمْ