الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِه أَبَدًا، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَبَدًا»
٥٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْمُزَكِّي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا قُتَيْبَةُ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ؛ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ؛ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ؛ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ
قوله: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ﴾ [الحجر: ٥١] هذه القصة مضى ذكرها في ﴿ [هود، والضيف في الأصل مصدر، ولذلك وحد في اللفظ، وإن كانوا جماعة.
] إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا﴾
[سورة الحجر: ٥٢] أي سلموا سلاما، فقال إبراهيم: ﴿إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ [الحجر: ٥٢] الوجل الفزع، وجل يوجل وجلا فهو وجل.
﴿قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ [الحجر: ٥٣].
﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾ [الحجر: ٥٤] أي: على حالة الكبر والهرم، فبم تبشرون استفهام تعجب، كأنه عجب من الولد على كبره، وقرأ نافع تبشرون بكسر النون، أراد تبشرونني، فحذف النون الثانية وأبقى الكسرة التي تدل على الياء، وابن كثير أدغم ولم يحذف.
﴿قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ [الحجر: ٥٥] بما قضاه الله أنه كائن، ﴿فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ﴾ [الحجر: ٥٥] من الآيسين، والقنوط: اليأس من الخير.
﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ﴾ [الحجر: ٥٦] وقرئ يقنط بفتح النون، وهما لغتان: قنط يقنط، وقنط يقنط قنوطا وقنطا.
قال ابن عباس: يريد ومن ييئس من رحمة ربه إلا المكذبون.
وهذا يدل على أن إبراهيم لم يكن قانطا، ولكنه استبعد ذلك، فظنت الملائكة به قنوطا، فنفى ذلك عن نفسه وأخبر أن القانط من رحمة الله ضال.
﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ﴾ [الحجر: ٥٧] قال الكلبي: فما بالكم؟ وما الذي جئتم به؟ ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ٥٨] يعنون قوم لوط، ﴿إِلا آلَ لُوطٍ﴾ [الحجر: ٥٩] استثناء ليس من الأول، وآل لوط هم أتباعه والذين كانوا على دينه، ﴿إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ {٥٩﴾ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴿٦٠﴾ } [الحجر: ٥٩-٦٠] قضينا أنها تبقى مع من يبقى ويتخلف حتى تهلك كما يهلكون، وقرأ عاصم قدرنا


الصفحة التالية
Icon