مخففة، يقال: قدرت الشيء وقدرته، ونحو هذا قوله: ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ﴾ [الواقعة: ٦٠] قرئ بالوجهين، وقوله: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٣].
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ {٦١﴾ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ﴿٦٢﴾ قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿٦٣﴾ وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿٦٤﴾ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴿٦٥﴾ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ﴿٦٦﴾ } [الحجر: ٦١-٦٦] ﴿قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٣] أي: بالعذاب الذي كانوا يشكون في نزوله.
وأتيناك بالحق أي بالأمر الثابت الذي لا شك فيه من عذاب قومك.
فأسر بأهلك مفسر في ﴿ [هود، إلى قوله:] وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [سورة الحجر: ٦٥] قال ابن عباس: يعني الشام.
وقال المفضل: حيث يقول لكم جبريل.
وقال الكلبي: أمرهم جبريل أن يمضوا إلى صفر إحدى قرى قوم لوط.
وقضينا إليه أي: أوحينا إليه وألهمناه، وقال ابن قتيبة: أخبرناه، كقوله: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ﴾ [الإسراء: ٤] أي أخبرناهم.
وقوله: ﴿ذَلِكَ الأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦] أي الأمر بهلاك قومه، قال الزجاج: موضع أن نصب، وهو بدل من قوله: ﴿ذَلِكَ الأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦] لأنه فسر الأمر بقوله: أن دابر.
والمعنى: وقضينا إليه، ﴿أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ﴾ [الحجر: ٦٦] أي: آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح، وهو قوله: مصبحين أي: داخلين في وقت الصبح.
﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ {٦٧﴾ قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ ﴿٦٨﴾ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ ﴿٦٩﴾ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٧٠﴾ قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿٧١﴾ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٢﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ﴿٧٣﴾ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴿٧٥﴾ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقيمٍ ﴿٧٦﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٧٧﴾ } [الحجر: ٦٧-٧٧] قوله: ﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ﴾ [الحجر: ٦٧] يعني مدينة قوم لوط، وهي سذوم، يستبشرون يفرحون بعملهم الخبيث طمعا منهم في ركوب الفاحشة، فقال لهم لوط لما قصدوا أضيافه: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ﴾ [الحجر: ٦٨].


الصفحة التالية
Icon