هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: ٣] استفهام توبيخ وتقرير، أي: لا خالق سواه، قال الزجاج: ورفع غير على معنى هل خالق غير الله، لأن من زيادة مؤكدة، ومن خفض جعله صفة على اللفظ.
﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [فاطر: ٣] المطر، ومن الأرض النبات، ﴿لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [فاطر: ٣] قال الزجاج: من أين يقع لكم الإفك والتكذيب بتوحيد الله وإنكار البعث وأنتم مقرون بأن الله خلقكم ورزقكم.
ثم عزى نبيه عليه السلام بقوله: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ {٤﴾ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿٥﴾ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿٦﴾ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿٧﴾ } [فاطر: ٤-٧] ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [فاطر: ٤] فيجازي من كذب وينصر من كذب من رسله.
﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٥] بالبعث والثواب والعقاب، حق وباقي الآية مفسر في ﴿ [لقمان.
ثم حذرهم الشيطان، فقال:] إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [سورة فاطر: ٦] قال مقاتل: عادوه بطاعة الله، ثم بين عداوته فقال: ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ﴾ [فاطر: ٦] أي: شيعته إلى الكفر، ﴿لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٦].
ثم ذكر ما للفريقين الكفار والمؤمنين بالآيتين بعد هذه الآية.
﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [فاطر: ٨] قوله: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ [فاطر: ٨] قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة.
وقال سعيد بن جبير: أنزلت في أصحاب الأهواء والملل التي خالفت الهدى.
والمعنى: أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله، ويدل على هذا المحذوف قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [فاطر: ٨] قال ابن عباس: لا تغتم ولا تهلك نفسك حسرات على تركهم الإيمان.
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [فاطر: ٨] عالم بصنيعهم فيجازيهم على ذلك.
ثم أخبر عن صنعه لتعتبروا، فقال: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ {٩﴾ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴿١٠﴾ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴿١١﴾ } [فاطر: ٩-١١] {