وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [فاطر: ٩] تزعجه من حيث هو، ﴿فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ [فاطر: ٩] إلى مكان لا نبت فيه، ﴿فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [فاطر: ٩] أنبتنا فيها الزرع والكلأ بعدما لم يكن، كذلك النشور البعث والأحياء.
٧٧٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، نا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، نا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا شُعَيْبٌ، أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ عُدُسٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ قَالَ: أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحِلا، ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ خَضْرَاءَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَقَالَ: ﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾
قوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾ [فاطر: ١٠] قال الفراء: معناه من كان يريد علم العزة لمن هي، فإنها لله جميعا.
وقال قتادة: من كان يريد العزة فليعتزن بطاعة الله، يعني أن قوله: ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: ١٠] معناه الدعاء إلى طاعة من له العزة، كما يقال: من أراد المال فالمال لفلان، فليطلبه من عنده، ويدل على صحة هذا ما روى ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن ربكم يقول كل يوم: أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز ".
وقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠] إلى الله يصعد كلمة التوحيد، وهو قول: لا إله إلا الله، ومعنى يصعد أنه يعلم ذلك، كما يقال: ارتفع الأمر إلى القاضي وإلى السلطان، أي علمه، ويجوز أن يكون معنى إليه إلى سمائه، وهو المحل الذي لا يجري لأحد سواه فيه ملك ولا حكم، فجعل صعوده إلى السماء صعود إليه، وقوله: ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] قال الحسن: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، يعرض القول على الفعل، فإن وافق القول الفعل، وإن خالف رد.
وهذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير.
وقال قتادة: يرفع الله العمل الصالح لصاحبه.
أي: يقبله فيكون هذا ابتداء إخبار لا يتعلق بما قبله، ثم ذكر من لا يوحد الله فقال: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ [فاطر: ١٠] أن يشركون بالله ويقولون الشرك، وقال الكلبي: يعملون السيئات.
﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [فاطر: ١٠] وقال أبو العالية: يعني الذين مكروا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دار الندوة.
وهو قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: ٣٠] الآية، ثم أخبر أن مكرهم يبطل، فقال: ﴿وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ [فاطر: ١٠] يفسد ويهلك ولا يملكون شيئا.
ثم دل على نفسه بصنعه، فقال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ [فاطر: ١١] يعني آدم، ﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ [فاطر: ١١] يعني نسله، ﴿ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [فاطر: ١١] ذكرانا وإناثا، ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ﴾ [فاطر: ١١] ما يطول عمر أحد، ﴿وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ﴾ [فاطر: ١١] قال الفراء: يريد آخر غير الأول، فكنى عنه كأنه الأول، لأن اللفظ الثاني لو ظهر كان الأول، كأنه قيل: ولا ينقص من عمر معمر ﴿إِلا فِي كِتَابٍ﴾ [فاطر: ١١] يعني اللوح المحفوظ.
قال سعيد بن جبير: مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا وكذا، ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان ذهب ثلاثة حتى يأتي على آخر عمره.
وقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [فاطر: ١١] إن كتابة الآجال والأعمال على الله هين.


الصفحة التالية
Icon