أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴿٣١﴾ } [فاطر: ٢٩-٣١] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٢٩] يعني قراءة القرآن، أثنى الله عليهم بقراءة القرآن، وقوله: ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ [فاطر: ٢٩] لن تفسد، ولن تكسد، ولن تهلك، ليوفيهم أجورهم جزاء أعمالهم بالثواب، ﴿وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [فاطر: ٣٠] قال ابن عباس: يعني سوى الثواب مما لم تر عين، ولم تسمع أذن.
﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [فاطر: ٣٠] قال ابن عباس: غفر العظيم من ذنوبهم، وشكر اليسير من أعمالهم.
﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [فاطر: ٣١] يعني القرآن، ﴿هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [فاطر: ٣١] موافقا لما قبله من الكتب، ﴿إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [فاطر: ٣١].
﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر: ٣٢] قوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ﴾ [فاطر: ٣٢] قال مقاتل: قرآن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والمعنى: ثم جعلنا الكتاب ينتهي إليهم.
﴿الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر: ٣٢] قال ابن عباس: يريد أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قسمهم ورتبهم، فقال: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [فاطر: ٣٢] وهو الذي مات على كبيرة ولم يتب منها، قاله عطاء، عن ابن عباس.
وقال مقاتل: يعني أصحاب الكبائر من أهل التوحيد.
ومنهم مقتصد وهو الذي لم يصب كبيرة، ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ [فاطر: ٣٢] يعني المقربين الذين سبقوا إلى الأعمال الصالحة، قال الحسن: الظالم الذي ترجح سيئاته على حسناته، والمقتصد التي استوت حسناته وسيئاته، والسابق من رجحت حسناته.
٧٧٣ - أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامٍ الأَصْفَهَانِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، نا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّهُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ»
٧٧٤ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ، أنا الْقَاسِمُ بْنُ غَانِمِ بْنِ حَمُّوَيْهِ الطَّوِيلُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، نا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، نا الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ، نا مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «سَابِقُنَا سَابِقٌ، وَمُقْتَصِدُنَا نَاجٍ، وَظَالِمُنَا مَغْفُورٌ لَهُ»، وَقَرَأَ عُمَرُ: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾
وقوله: سابق أي: إلى الجنة أو إلى رحمة الله.
بالخيرات بالأعمال الصالحة، بإذن الله بأمر الله وإرادته، ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر: ٣٢] يعني إيراثهم الكتاب.
ثم أخبرهم بثوابهم وجمعهم في دخول الجنة، فقال: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ {٣٣﴾ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴿٣٤﴾ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴿٣٥﴾ } [فاطر: ٣٣-٣٥] {