عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتُّونَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ»
وقوله: ﴿وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾ [فاطر: ٣٧] قال جمهور المفسرين: يريد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي عن عكرمة، وسفيان بن عيينة: أن المراد بالنذير الشيب، ومعناه: أولم يعمركم حتى شبتم، وقوله: ﴿فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [فاطر: ٣٧] قال مقاتل: فذوقوا العذاب فما للمشركين من مانع يمنعهم، وما بعد هذا مفسر إلى قوله: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا﴾ [فاطر: ٣٩] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ﴾ [فاطر: ٣٩] أي: أمة آمنة خلفت من قبلها ورأت فيمن سلف ما ينبغي أن تعتبر به، ﴿فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ [فاطر: ٣٩] جزاء كفره، ثم ذم كفرهم بباقي الآية، ثم أمر نبيه بالاحتجاج عليهم بقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا {٤٠﴾ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿٤١﴾ } [فاطر: ٤٠-٤١] ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ﴾ [فاطر: ٤٠] معناه: أخبروني عن الذين اتخذتم وعبدتم من دوني شركاء بزعمكم، ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ﴾ [فاطر: ٤٠] أي: بأي شيء أوجبتم لهم شركة مع الله في العبادة لشيء خلقوه من الأرض، ﴿أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ﴾ [فاطر: ٤٠] أي: شركة في خلقها، ثم ترك هذا النظم، فقال: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ﴾ [فاطر: ٤٠] قال مقاتل: يقول: ثم أعطينا كفار مكة كتابا فهم على بيان منه، بأن مع الله شريكا.
وهو قوله: فهم على بينات منه يعني ما في الكتاب من ضروب البيان، وقرأ أبو عمرو بينة جعل ما في الكتاب بينة على لفظ الإفراد، وإن كانت عدة أشياء، ثم استأنف: ﴿بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ﴾ [فاطر: ٤٠] أي: ما يعد ﴿بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا﴾ [فاطر: ٤٠] قال مقاتل: يعني ما يعد الشيطان كفار بني آدم من شفاعة الآلهة لهم في الآخرة إلا باطلا، وليس بشيء.
قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا﴾ [فاطر: ٤١] يمنعهما من الزوال والذهاب والسقوط، ولئن زالتا ولو زالتا على تقدير ذلك لم يمسكهما من أحد غير الله، وهو قوله: ﴿إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٤١] وهذا إخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات وإمساكها عن الزوال، ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا﴾ [فاطر: ٤١] عن الكفار إذ لم يعجل لهم العقوبة، غفورا إذ أخر العذاب عنهم.
قوله: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا {٤٢﴾ اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ