للسماء بالكواكب، ﴿مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾ [الصافات: ٧] متمرد يرمون بها فلا تخطئهم.
قوله: ﴿لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى﴾ [الصافات: ٨] قال الكلبي: لكي لا يسمعوا إلى الكتبة من الملائكة، والملأ الأعلى هم الملائكة، لأنهم في السماء، وقرئ يسمعون بالتشديد، وأصله يتسمعون، فأدغم التاء في السين، ﴿وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ﴾ [الصافات: ٨] ويرمون من كل ناحية بالشهب.
دحورا يقال: دحره دحرا ودحورا إذا طرده وأبعده.
والمعنى: يدحرون دحورا فيبعدون عن تلك المجالس التي يسترقون فيها السمع.
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ﴾ [الصافات: ٩] قال مقاتل: يعني دائما إلى النفخة الأولى، فهم يخرجون ويكبلون.
﴿إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ [الصافات: ١٠] اختلس الكلمة من الكلام الملائكة مسارقة، فأتبعه لحقه وأصابه، شهاب ثاقب نار مضيئة تحرقه، والثاقب: النير المضيء كقوله: ﴿إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ﴾ [الحجر: ١٨].
﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ {١١﴾ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴿١٢﴾ وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ ﴿١٣﴾ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ﴿١٤﴾ وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿١٥﴾ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴿١٦﴾ أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ ﴿١٧﴾ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ ﴿١٨﴾ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ ﴿١٩﴾ } [الصافات: ١١-١٩] قوله: فاستفتهم قال الزجاج: سلهم سؤال تقرير عن ﴿أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا﴾ [الصافات: ١١] أحكم صنعة، ﴿أَمْ مَنْ خَلَقْنَا﴾ [الصافات: ١١] قبلهم من الأمم السالفة، يريد أنهم ليسوا بأحكم خلقا من غيرهم من الأمم، وقد أهلكناهم بالتكذيب، فما الذي يؤمنهم من العذاب.
ثم ذكر خلق الإنسان، فقال: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾ [الصافات: ١١] لاصق جيد، يقال: لزب يلزب لزوبا إذا لصق.
والمعنى أن هؤلاء الكفار خلقوا مما خلق منه الأولون، فليسوا بأشد خلقا منهم، وهذا إخبار عن التسوية بينهم وبين غيرهم من الأمم في الخلق.
قوله: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ [الصافات: ١٢] بل معناه: ترك الكلام الأول والأخذ في الكلام الآخر، كأنه قال: دع يا محمد ما مضى، عجبت من كفار مكة حين أوحى إليك القرآن، ولم يؤمنوا به، وهو قوله: ويسخرون لأن سخريتهم بالقرآن وبه من ترك الإيمان، قال قتادة: عجب نبي الله من هذا القرآن حين أنزل عليه وخلال بني آدم.
وذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يظن أن كل من يسمع منه القرآن يؤمن به، فلما سمع المشركون القرآن فسخروا منه وتركوا الإيمان به عجب من ذلك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الله: عجبت يا محمد من نزول الوحي عليك وتركهم الإيمان.
وقرأ ابن مسعود بضم التاء.
٧٨٤ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْخَشَّابُ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْفَهَانِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نا قُتَيْبَةُ، نا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: بَلْ عَجِبْتُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: إِن اللَّهَ لا يَعْجَبُ، إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لا يَعْلَمُ، قَالَ الأَعْمَشُ: فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحًا كَانَ مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَرَأَ: بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَعْلَمُ مِنْ


الصفحة التالية
Icon