ما ذكرنا، وهذا قول مجاهد، وقتادة.
وقال أهل المعاني: هذا من صفة الأوثان، والمعنى: ويجعلون للشركاء والأصنام الذين لا يعلمون شيئا ولا معرفة لهم ولا حسنا، ﴿نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ [النحل: ٥٦] قال المفسرون: هم مشركو العرب، جعلوا لأوثانهم جزءا من أموالهم كقوله: ﴿فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾ [الأنعام: ١٣٦].
ثم خاطبهم بعد الخبر عنهم، فقال: ﴿تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ﴾ [النحل: ٥٦] سؤال توبيخ، ﴿عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ﴾ [النحل: ٥٦] تتقولونه على الله من أنه أمركم بذلك.
﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ﴾ [النحل: ٥٧] قال المفسرون: يعني خزاعة، وكنانة زعموا أن الملائكة بنات الله.
سبحانه تنزيها له عما زعموا، ﴿وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ [النحل: ٥٧] يعني البنين، فهذا كقوله: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾ [الطور: ٣٩].
ثم ذكر كراهيتهم البنات، فقال: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى﴾ [النحل: ٥٨] أخبر بولادة بنت، والتبشير ههنا بمعنى الإخبار كقوله: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١]، ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ [النحل: ٥٨] تغير وجهه تغير مغتم، قال قتادة: هذا صنيع مشركي العرب، أخبر الله بخبث صنيعهم، فأما المؤمن، فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له، وقضاء الله للمرء خير مما قضى المرء لنفسه، وما قضى لك يا ابن آدم فيما تكره خير مما قضى لك فيما تحب فاتق الله، وارض بقضائه، فإنه رب جارية خير لأهلها من غلام، ورب غلام لا يأتي أهله بخير، وقوله: وهو كظيم أي: ممتلئ غما.
يتوارى يختفي ويتغيب، ﴿مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ﴾ [النحل: ٥٩] كان الرجل في الجاهلية إذا ضرب امرأته المخاض توارى إلى أن يعلم ما يولد له، فإن كان ذكرا سر به وابتهج، وإن كانت أنثى اكتأب لها وحزن، ولم يظهر للناس أياما، يدبر كيف يصنع في أمرها، وهو قوله: ﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ﴾ [النحل: ٥٩] أي يحبسه، والإمساك ههنا بمعنى الحبس كقوله: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: ٣٧] والكناية تعود إلى ما في قوله: ﴿مَا بُشِّرَ بِهِ﴾ [النحل: ٥٩] والهون الهوان يقال: إنه ليهون عليّ هونا وهوانا.
قال المفسرون: كان أحدهم في الجاهلية إذا ولدت له بنت ضاق بها ذرعا فلم يدر ما يصنع بها، أيدسها تحت التراب، أو يتهاون بها فيلقيها.
والدس: إخفاء الشيء في الشيء، يعني ما كانوا يفعلونه من الوأد في الجاهلية، قوله: ﴿أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [النحل: ٥٩] قال ابن عباس: بئس ما حكموا إذ جعلوا لله البنات اللاتي محلهن منهم هذا المحل، ونسبوه إلى اتخاذ الولد، وجعلوا لأنفسهم البنين.
وهذا كقوله: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى {٢١﴾ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴿٢٢﴾ } [النجم: ٢١-٢٢].
قوله: {