لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٦٠﴾ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿٦١﴾ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ﴿٦٢﴾ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦٣﴾ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٦٤﴾ } [النحل: ٦٠-٦٤] ﴿لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ﴾ [النحل: ٦٠] أي: صفة السوء من احتياجهم إلى الولد وكراهيتهم الإناث خوف العيلة والعار، ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ [النحل: ٦٠] الصفة العليا من تنزهه عن الولد.
قوله: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ﴾ [النحل: ٦١] قال ابن عباس: يريد المشركين.
بظلمهم بافترائهم على الله، ﴿مَا تَرَكَ عَلَيْهَا﴾ [النحل: ٦١] على الأرض، من دابة يعني دواب الأرض، قال السدي: يقول لأقحط المطر، فلم يبق في الأرض دابة إلا هلكت.
وروي عن ابن مسعود، أنه قرأ هذه الآية، فقال: كاد أن يهلك الجعل في جحره بذنب ابن آدم.
والمعنى أن شؤم ذنوب المشركين كاد أن يصيب دواب الأرض حتى تهلك بسبب ذلك لولا حلم الله وتأخيره العقوبة، ﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [النحل: ٦١] يعني منتهى آجالهم، وانقضاء أعمارهم، وباقي الآية تقدم تفسيره.
ويجعلون يعني المشركين، ﴿لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ [النحل: ٦٢] يعني البنات، والمعنى: يحكمون لله بما يكرهون هم لأنفسهم، ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ﴾ [النحل: ٦٢] أي: تقول الكذب، ثم فسر ذلك الكذب، فقال: ﴿أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى﴾ [النحل: ٦٢] يعني الجنة، قال الزجاج: يصفون أن لهم مع قبيح قولهم من الله الجزاء الحسن، فرد الله عليهم قولهم، وأثبت لهم النار، فقال: ﴿لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ﴾ [النحل: ٦٢]، لا ردٌ لقولهم، أي: ليس الأمر على ما وصفوا جرم فعلهم وقولهم، أي: كسب لهم النار، والمفسرون يقولون: حقا إن لهم النار، ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ [النحل: ٦٢] قال مجاهد، والكلبي، والضحاك: متركون منسيون في النار.
وقال الكسائي: يقال: ما أفرطت


الصفحة التالية
Icon