إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، نا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي جُنْدُبٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ بِصِفِّينَ فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مُتَوَكِّئًا عَلَى عَنْزَةٍ لَهُ، بَعْدَ مَا اخْتَلَطَ الظَّلامُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا تَخَافُ أَنْ يَغْتَالَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَمَعَهُ مِنَ اللَّهِ حَفَظَةٌ مِنْ أَنْ يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ، أَوْ يَخُرَّ مِنْ جَبَلٍ، أَوْ يُصِيبَهُ حَجَرٌ، أَوْ تُصِيبَهُ دَابَّةٌ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلُّوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَدَرِ.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١] أي: لا يسلب قوما نعمة حتى يعلموا معصية.
قال ابن عباس: يريد العذر فيما بينه وبين خلقه، ويعني بهذا أهل مكة.
﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا﴾ [الرعد: ١١] عذابا، ﴿فَلا مَرَدَّ لَهُ﴾ [الرعد: ١١] قال عطاء: يريد لا رادَّ لعذابي، ولا ناقض لحكمي.
﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: ١١] يلي أمرهم ويمنع العذاب عنهم.
﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ {١٢﴾ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴿١٣﴾ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ﴿١٤﴾ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ﴿١٥﴾ } [الرعد: ١٢-١٥] قوله: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: ١٢] قال قتادة: خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم.
قال الزجاج: الخوف للمسافر لما يتأذى به من المطر، والطمع للحاضر لأنه إذا رأى البرق طمع في المطر الذي هو سبب الخصب.
وينشئ يخلق، ﴿السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢] بالماء.
﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ [الرعد: ١٣] قال ابن عباس: سألت اليهود رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: أخبرنا عن الرعد ما هو؟ فقال: «الرعد ملك من ملائكة الله عز وجل، موكل بالسحاب، معه مخاريق، يسوق بها السحاب حيث يشاء الله».
قالوا: فما الصوت الذي يسمع؟ قال: «زجره بالسحاب إذا زجر حتى ينتهي إلى حيث ما أمر».
وقال مجاهد: الرعد صوت ملك يسبح.
وكان عبد الله بن الزبير جالسا يحدث أصحابه، فسمع صوت الرعد، فترك الحديث، وقال: سبحان من سبحت له، وقال: إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد.
وروى أبو هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " إن ربكم تبارك وتعالى يقول: لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس


الصفحة التالية
Icon