افتريت عليه شيئًا؟ هو أي: الله، ﴿أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [الأحقاف: ٨] بما تقولون في القرآن، وتخوضون فيه من التكذيب به، والقول فيه بأنه سحر، وكهانة، ﴿كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأحقاف: ٨] أن القرآن جاء من عند الله، ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الأحقاف: ٨] في تأخير العذاب عنكم، حين لا يعجل عليكم بالعقوبة، وقال الزجاج: هذا دعاء لهم من الله إلى التوبة، معناه: أن من أتى من الكبائر بمثل ما أوتيتم به، من الافتراء على الله وعليّ، ثم تاب، فالله غفور له رحيم به.
قوله: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٩] ما أنا بأول رسول، قد بعث قبلي كثير من الرسل، والبدع والبديع من كل شيء: المبتدأ، ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ﴾ [الأحقاف: ٩] أيتركني بمكة، أو يخرجني منها، ويخرجكم؟ وقال الحسن: لا أدري أأموت أم أقتل؟ ولا أدري أيها المكذبون، أترمون بالحجارة من السماء، أم يخسف بكم، أم أي شيء يفعل بكم، مما فعل بالأمم المكذبة؟ وهذا إنما هو في الدنيا، فأما في الآخرة فقد علم أنه في الجنة، وأن من كذبه في النار، ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الأحقاف: ٩] ما أتبع إلا القرآن، ولا أبتدع من عندي شيئًا، ﴿وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الأحقاف: ٩] أنذركم العذاب، وأبين لكم الشرائع.
قل أرأيتم معناها: أخبروني، أي: ماذا تقولون؟ إن كان القرآن، ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [الأحقاف: ١٠] هو أنزله، وكفرتم أنتم أيها المشركون، ﴿بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الأحقاف: ١٠] يعني: عبد الله بن سلام، كان شاهدًا على صدق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نبوته، على مثله المثل صلة، معناه: عليه، أي: على أنه من عند الله، فآمن يعني: الشاهد، واستكبرتم أنتم عن الإيمان به، وجواب قوله: ﴿إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [الأحقاف: ١٠]


الصفحة التالية
Icon