محذوف على تقدير: أليس قد ظلمتم.
ويدل على هذا المحذوف قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأحقاف: ١٠] وقال الحسن: جوابه: فمن أضل منكم؟ كما قال: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ﴾ [فصلت: ٥٢] الآية، وقال أبو علي الفارسي: تقديره أتأمنون عقوبة الله.
ومعنى قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأحقاف: ١٠] إن الله جعل جزاء المعاندين للإيمان بعد الوضوح والبيان، أن نمدهم في ضلالتهم، ونحرمهم الهداية.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ {١١﴾ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ﴿١٢﴾ } [الأحقاف: ١١-١٢].
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأحقاف: ١١] يعني: المشركين، للذين آمنوا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿لَوْ كَانَ خَيْرًا﴾ [الأحقاف: ١١] لو كان ما جاء به محمد خيرًا، ﴿مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾ [الأحقاف: ١١] نظم الكلام يوجب أن يكون ما سبقتمونا إليه، ولكنه على ترك المخاطبة.
أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، أنا أبو العباس الهروي، نا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كانت زنيرة امرأة ضعيفة البصر، فلما أسلمت كان الأشراف من مشركي قريش يستهزئون بها، ويقولون: والله لو كان ما جاء به محمد خيرًا ما سبقتنا إليه زنيرة، فأنزل الله فيها وفي أمثالها هذه الآية.
﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ [الأحقاف: ١١] لم يصيبوا الهداية بالقرآن، فسيقولون: إنه كذب، وهو قوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ [الأحقاف: ١١] أي: أساطير الأولين.
ومن قبله قبل القرآن، كتاب موسى يعني: التوراة، إمامًا يقتدى به، ورحمة من الله للمؤمنين به، من قبل القرآن، قال الزجاج: إمامًا منسوب على الحال.
وتقدير الكلام: وتقدمه كتاب موسى إمامًا، وفي الكلام محذوف به يتم المعنى، وتقديره: فلم يهتدوا به، ودل


الصفحة التالية
Icon