عليه قوله في الآية الأولى: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ [الأحقاف: ١١]، وذلك أن المشركين لم يهتدوا بالتوراة، فيتركوا ما هم عليه من عبادة الأوثان، ويعرفوا منها صفة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ﴾ [الأحقاف: ١٢] أي: للكتب التي قبله، لسانًا عربيًا منصوب على الحال، المعنى: مصدقًا لما بين يديه عربيًا، وذكر اللسان توكيدًا، كما تقول: جاءني زيد رجلًا صالحًا، فيذكر رجلًا توكيدًا، لِتُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا يعني: مشركي مكة، ومن قرأ بالياء أسند الفعل إلى الكتاب، وبشرى وهو بشرى، يعني: الكتاب للمحسنين الموحدين، يقول: الكتاب لهم بشرى بالجنة.
قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ {١٣﴾ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٤﴾ } [الأحقاف: ١٣-١٤].
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [الأحقاف: ١٣] تقدم تفسيره.
قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {١٥﴾ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴿١٦﴾ } [الأحقاف: ١٥-١٦].
﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴾ [الأحقاف: ١٥] تقدم تفسيره في { [العنكبوت، وقرئ ههنا إحسانًا والمعنى: أمرناه بالإحسان إليهما، كقوله: وبالوالدين إحسانًا، ثم ذكر ما