بعقولهم، فيلغوا ويرفثوا، كما يكون من خمر الدنيا، ولا يكون منهم ما يؤثمهم.
والتأثيم تفعيل من الإثم، يقال: أثمه، إذا جعله ذا إثم، والمعنى: أن تلك الكأس لا تجعلهم آثمين.
ويطوف عليهم بالخدمة، ﴿غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ﴾ [الطور: ٢٤] في الحسن، والبياض، لؤلؤ مكنون مستور، مصون لم تسمه الأيدي، قال قتادة: ذكر لنا أن رجلًا، قال: يا نبي الله، هذا الخادم، فكيف المخدوم؟ فقال: «والذي نفسي بيده، إن فضل المخدوم على الخادم، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب».
﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [الطور: ٢٥] قال ابن عباس: يتذكرون ما كانوا فيه في الدنيا، من التعب والخوف.
وهو قوله: ﴿إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا﴾ [الطور: ٢٦] في دار الدنيا، مشفقين خائفين من العذاب.
﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾ [الطور: ٢٧] بالمغفرة، ﴿وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ [الطور: ٢٧] يعني: عذاب جهنم، والسموم: اسم من أسماء جهنم في قول الحسن، ومقاتل، وقال الكلبي: عذاب النار.
وهو قول أبي عبيدة، وقال الزجاج: عذاب السموم: عذاب سموم جهنم، وهو ما يوجد من لفحها، وحرها.
﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ﴾ [الطور: ٢٨] أي: في الدنيا، ندعوه نوحده، ونعبده، ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ [الطور: ٢٨] من فتح الهمزة كان المعنى: ندعوه لأنه هو البر الرحيم، أي: فلرحمته ندعوه، لأنه يجيب من دعاه، ومن كسر الهمزة قطع الكلام مما قبله.
واستأنف قوله: ﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ {٢٩﴾ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴿٣٠﴾ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ﴿٣١﴾ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴿٣٢﴾ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٣﴾ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴿٣٤﴾ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴿٣٨﴾ } [الطور: ٢٩-٣٨].