١١٥٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدُوسٍ النَّحْوِيُّ إِمْلاءً، أنا أَبُو حَامِدٍ الْبِلالِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، نا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَوْحًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ وَقَنَاةً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، قَلَمُهُ نُورٌ وَكِتَابُهُ نُورٌ يَنْظُرُ اللَّهُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَيُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.
﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ {٣١﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٢﴾ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ﴿٣٣﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٤﴾ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ ﴿٣٥﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٦﴾ } [الرحمن: ٣١-٣٦].
﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ﴾ [الرحمن: ٣١] هذا وعيد من الله تعالى للخلق بالمحاسبة، ولا يشغله شأن عن شأن، وإنما حسن لفظ الفراغ لسبق ذكر الشأن، والمعنى: سنترك ذلك الشأن إلى هذا، قال الزجاج: سنقصد لحسابكم.
وهذا قول ابن الأعرابي، واختيار أبي علي الفارسي، قال: ليس الفراغ ههنا فراغًا من شغل، ولكن تأويله القصد.
والمفسرون على أن هذا تهديد منه لبعاده، وقرئ بالياء سيفرغ لتقدم قوله: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ﴾ [الرحمن: ٢٤]، ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧]، وقوله: ﴿أَيُّهَ الثَّقَلانِ﴾ [الرحمن: ٣١] يعني: الجن والإنس، يدل عليه قوله: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا﴾ [الرحمن: ٣٣] أي: تخرجوا، يقال: نفذ الشيء من الشيء إذا أخلص منه، كالسهم ينفذ من الرمية، ﴿مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الرحمن: ٣٣] جوانبها ونواحيها، واحدها: قطر، والمعنى: إن استطعتم أن تهربوا من الموت، بالخروج من أقطار السموات والأرض، فاهربوا واخرجوا منها، والمعنى: أنكم حيث ما كنتم أدرككم الموت، كما قال الله


الصفحة التالية
Icon