تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾ [النساء: ٧٨]، ولن تستطيعوا أن تهربوا منه، ﴿لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] يقول: إلا بملكي، أي: حيث توجهتم فتم ملكي، وأنا آخذكم بالموت، ومعنى السلطان: القوة التي يتسلط بها على الأمر، ثم الملك، والقدرة، والحجة كلها سلطان.
قوله: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ [الرحمن: ٣٥] جاء في الخبر: يحاط على الخلق بلسان من نار، ثم ينادون: يا معشر الجن والإنس، ﴿إِنِ اسْتَطَعْتُمْ﴾ [الرحمن: ٣٣] الآية، وذلك قوله: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ [الرحمن: ٣٥] والشواظ: اللهب الذي لا دخان معه، وقرأ ابن كثير بكسر الشين، وهو لغة أهل مكة، ومثله صوار من بقي وصوار، وقوله: ﴿وَنُحَاسٌ﴾ [الرحمن: ٣٥] وهو الدخان، وهو قول ابن عباس في رواية عطاء، والكلبي، وسعيد بن جبير، والوالبي، وأكثر القراء فيه على الرفع، بالعطف على قوله: ﴿شُوَاظٌ﴾ [الرحمن: ٣٥] والمعنى: يرسل عليكما شواظ، ويرسل نحاس، أي: يرسل هذا مرة وهذا مرة، ويجوز أن يرسلًا معًا من غير أن يختلط أحدهما بالآخر، وقرئ بالكسر وهو ضعيف، لأنه لا يمكن أن يعطف به على نار، في قوله: من نار لأنه لا يكون شواظ من نحاس، قال أبو علي: وهو يجوز من وجه، على أن تقديره: يرسل عليكما شواظ من نار، وشيء من نحاس، على أنه قد حكي أن الشواظ لا يكون إلا من النار والدخان جميعًا.
ونحو هذا حكي عن أبي عمرو، وقوله: ﴿فَلا تَنْتَصِرَانِ﴾ [الرحمن: ٣٥] أي: لا تمتنعان من الله، ولا يكون لكم ناصر منه.
﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ {٣٧﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٨﴾ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ﴿٣٩﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٤٠﴾ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ ﴿٤١﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٤٢﴾ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ﴿٤٣﴾ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ﴿٤٤﴾ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٤٥﴾ } [الرحمن: ٣٧-٤٥].
﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾ [الرحمن: ٣٧] لنزول الملائكة، ﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً﴾ [الرحمن: ٣٧] كلون الفرس الورد، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة والصفرة، قال قتادة: هي اليوم خضراء كما ترون، ولها يوم القيامة لون