فعطف العيون على الحواجب وهي لا تتزجج، على معنى: كحلن العيون.
لذلك ههنا معناه: ويكرمون بفاكهة، ولحم طير، وحور عين.
﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الواقعة: ٢٤] أي: يفعل ذلك بهم جزاء أعمالهم.
﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا﴾ [الواقعة: ٢٥] أي: لا لغو فيها فيسمع، ﴿وَلا تَأْثِيمًا﴾ [الواقعة: ٢٥] أي: لا يقولون بعضهم لبعض: أثمت، لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم، وهذا معنى قول ابن عباس: لا يتكلمون بالإثم كما يتكلم أهل الدنيا.
إلا قليلًا أي: لكن يقولون قيلًا، أو يسمعون قيلًا، سلامًا يسلمون فيه من اللغو والإثم، وقال عطاء: يحيي بعضهم بعضًا بالسلام.
ثم ذكر أصحاب اليمين، وعجب من شأنهم، فقال: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ {٢٧﴾ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴿٢٨﴾ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴿٢٩﴾ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴿٣٠﴾ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴿٣١﴾ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ﴿٣٢﴾ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ﴿٣٣﴾ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴿٣٤﴾ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴿٣٥﴾ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴿٣٦﴾ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴿٣٧﴾ لأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴿٣٨﴾ ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ ﴿٣٩﴾ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ ﴿٤٠﴾ } [الواقعة: ٢٧-٤٠].
﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ {٢٧﴾ فِي سِدْرٍ} [الواقعة: ٢٧-٢٨] وهو نوع من الشجر، مخضود منزوع الشوك، خضد شوكه أي: قطع شوكه، فلا شوك فيه.
وطلح وهو من أعظم أشجار العرب، منضود نضد بالحمل من أوله إلى آخره، فليست له سوق بارزة.
وظل ممدود دائم باق لا يزول، ولا تنسخه الشمس، والعرب تقول لكل شيء طويل، لا ينقطع: ممدود.
وماء مسكوب مصبوب، يجري الليل والنهار لا ينقطع عنهم، فهو مسكوب بسكب الله إياه في مجاريه.
وفاكهة كثيرة يعني: ألوان فواكه الجنة.
لا مقطوعة قال ابن عباس: لا تنقطع إذا جنيت.
ولا ممنوعة لا تمنع من أحد أراد أخذها، وقال ابن قتيبة: يعني: أنها غير محظورة عليها، كما يحظر على بساتين الدنيا.
فينظر الناظر إلى ثمارها، ولا يصل إليها فهي محظورة مقطوعة، ممنوعة عن الناس ممنوعة، ويجوز أن يكون المعنى: أنها غير مقطوعة بالأزمان، كما تنقطع أكثر فواكه الدنيا في الشتاء، ولا ممنوعة بالأثمان، لا يتوصل إليها إلا بالثمن، يدل على هذا ما روي أن ابن شوذب، قال: مررت بالحجاج بن فرافصة، وهو واقف على أصحاب الفاكهة،