﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣] قَالَ: يُعْرَفُ بِالشَّرِّ كَمَا تُعْرَفُ الشَّاةُ بِزَنَمَتِهَا
قال ابن قتيبة: ولا نعلم أن الله وصف أحدًا، ولا بلغ من ذكر عيوبه ما بلغه من ذكر عيوب الوليد بن المغيرة، لأنه وصفه بالحلف، والمهانة، والغيب للناس، والمشي بالنمائم، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدعوة، فألحق به عارًا لا يفارقه في الدنيا والآخرة.
قوله: ﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [القلم: ١٤] قال الفراء، والزجاج: ﴿أَنْ كَانَ﴾ [القلم: ١٤] أي: لأن كان.
والمعنى: لا تطع كل حلاف مهين ﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [القلم: ١٤] أي: لا تطعه لماله وبنيه، ومن قرأ: أأن كان فإنه توبيخ له، أي: جعل مجازاة النعم التي خولها من البنين والمال الكفر بآياتنا، وهو قوله: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ [القلم: ١٥].
ثم أوعده، فقال: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ [القلم: ١٦] قال أبو عبيدة، وأبو زيد، والمبرد: الخرطوم الأنف.
قال مقاتل: سنسمه بالسواد على الأنف، وذلك: أنه يسود وجهه قبل دخول النار.
وهو قول الأكثرين، قال الفراء: والخرطوم وإن كان قد خص بالسمة، فإنه في مذهب الوجه، لأن بعض الوجه يؤدي عن بعض.
وقال الزجاج: سنجعل له في الآخرة العَلَم الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم.
وقال قتادة: سنلحق به شيئًا لا يفارقه.
واختاره ابن قتيبة، وقال: العرب تقول: قد وسمه ميسم سوء.
يريدون: ألصق به عارًا لا يفارقه، لأن السمة لا ينمحي، ولا يعفو أثرها.
وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه عارًا لا يفارقه كالوسم على الخرطوم، وأبين ما يكون الوسم على الوجه.
﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ {١٧﴾ وَلا يَسْتَثْنُونَ ﴿١٨﴾ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ


الصفحة التالية
Icon