سَفَهًا وَطُغْيَانًا وَظُلْمًا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزْدَادُونَ بِهَذَا التَّعَوُّذِ طُغْيَانًا
يقولون: سدنا الجن والإنس.
وأنهم ظنوا يقول الله تعالى: ظن الجن، كما ظننتم أيها الإنس المشركون، أنه لا بعث يوم القيامة.
أي: كانوا لا يؤمنوا بالبعث، كما أنكم لا تؤمنون به.
وقالت الجن: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا {٨﴾ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ﴿٩﴾ وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴿١٠﴾ } [الجن: ٨-١٠].
﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ [الجن: ٨] قال الكلبي: أتينا السماء.
﴿فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا﴾ [الجن: ٨] وهم: الملائكة الذي يحرسون السماء من استراق السمع، وشهبًا وهي: النار التي ترجم بها الشياطين، كقوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ [الصافات: ١٠].
﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا﴾ [الجن: ٩] من السماء، مقاعد للسمع أي: كنا نستمع، والآن حين حاولنا الاستماع رمينا بالشهب، وهو قوله: ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ [الجن: ٩] أرصد له ليرمى به، قال معمر: قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم.
قلت: أقرأت قوله: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا﴾ [الجن: ٩] الآية.
قال: غلظت، وشدد أمرها حين بعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال ابن قتيبة: إن الرجم قد كان قبل مبعثه، ولكنه لم يكن مثله في شدة الحراسة بعد مبعثه.
وكانوا يسترقون في بعض الأحوال، فلما بعث، منعوا من ذلك أصلًا.
ثم قالوا: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ [الجن: ١٠] أي: بحدوث الرجم بالكواكب، وحراسة السماء، أم صلاح وهو قوله: ﴿أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: ١٠].
ثم أخبروا عن أحوالهم، فقالوا: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا {١١﴾ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا ﴿١٢﴾ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا ﴿١٣﴾ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ﴿١٤﴾ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴿١٥﴾


الصفحة التالية
Icon