بِشْرِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْبَصْرِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّامِيُّ، نا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: " جِئْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّنَا هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ تَقْرِي الضَّيْفَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَفْعَلُ، وَتَفْعَلُ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعٌ أُمَّنَا؟ قَالَ: لا، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا وَارَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَبْلُغْ الْحِنْثَ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعٌ أُمَّنَا؟ فَقَالَ: لا، الْوَائِدُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ إِلا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلامَ فَيُغْفَرُ لَهَا ".
قوله: وإذا الصحف يعني: صحائف أعمال بني آدم، نشرت للحساب.
﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾ [التكوير: ١١] قال الفراء: نزعت وطويت.
وقال الزجاج: قلعت كما يقلع السقف.
وقال مقاتل: يكشف عمن فيها.
ومعنى الكشط دفعك شيئًا عن شيء قد غطاه، كما يكشط الجلد عن السنام.
﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ [التكوير: ١٢] أوقدت لأعداء الله من الكفار.
﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ [التكوير: ١٣] قربت لأولياء الله من المتقين.
وجواب هذه الأشياء، قوله: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤] أي: إذا كانت هذه الأشياء التي تكون في القيامة علمت في ذلك الوقت كل نفس ما أحضرته من خير، أو شر تجزى به.
ثم أقسم، فقال: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ {١٥﴾ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴿١٦﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ﴿١٧﴾ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴿١٨﴾ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿١٩﴾ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴿٢٠﴾ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴿٢١﴾ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴿٢٢﴾ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ ﴿٢٣﴾ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴿٢٤﴾ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴿٢٥﴾ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾ } [التكوير: ١٥-٢٩].
فلا أقسم ولا زائدة، معناه: فأقسم، ﴿بِالْخُنَّسِ {١٥﴾ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴿١٦﴾ } [التكوير: ١٥-١٦] يعني: النجوم وهي تخنس بالنار فتخفى ولا ترى، وتكتس في وقت غروبها، فهذا وقت خنوسها وكنوسها.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: ١٧] أدير وذهب، وقال الحسن: أقبل بظلامه.


الصفحة التالية
Icon