قال أهل اللغة: هو من الأضداد، يقال: عسعس الليل إذا أقبل، وعسعس إذا أدبر.
ويدل على أن المراد ههنا أدبر، قوله: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: ١٨] أي: امتد ضوءه حتى يصير نهارًا.
ثم ذكر جواب القسم، فقال: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [التكوير: ١٩] يعني: جبريل، يقول: إن القرآن نزل به جبريل، فأخبر به محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الله تعالى وقد تقدم هذا.
ثم وصف جبريل، فقال: ﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ [التكوير: ٢٠] أي: فيها كلف وأمر به، ﴿عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ [التكوير: ٢٠] يعني: في المنزلة، يقال: مكن فلان عند فلان تمكن مكانه.
﴿مُطَاعٍ ثَمَّ﴾ [التكوير: ٢١] أي: في السموات تطيعه الملائكة، قال المفسرون: من طاعة الملائكة لجبريل، أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج بمحمد، حتى فتح لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبوابها فدخلها، ورأى ما فيها، وأمر خازن جهنم ففتح له عنها، حتى نظر إليها.
فذلك قوله: ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير: ٢١] أي: على وحي الله، ورسالته إلى أنبيائه.
١٢٨٥ - أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ التَّاجِرُ فِيمَا أَجَازَ لِي، أنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، نا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، نا الْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ، نا بُرَيْدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ: مَا أَحْسَنَ مَا أَثْنَى عَلَيْكَ رَبُّكَ ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ {٢٠﴾ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴿٢١﴾ } [التكوير: ٢٠-٢١] فَمَا كَانَتْ قُوَّتُكَ؟ وَمَا كَانَتْ أَمَانَتُكَ؟ قَالَ: أَمَّا قُوَّتِي، فَإِنِّي بُعِثْتُ إِلَى مَدَائِنِ لُوطٍ وَهِيَ أَرْبَعُ مَدَائِنَ وَفِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَى الذَّرَارِيَّ، فَحَمَلْتُهُمْ مِنَ الْأَرْضِ السُّفْلَى حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ أَصْوَاتَ الدَّجَاجِ وَنُبَاحَ الْكِلابِ، ثُمَّ هَوَيْتُ بِهِنَّ فَقَلَبْتُهُنَّ، وَأَمَا أَمَانَتِي فَإِنِّي لَمْ أُومَرْ بِشَيْءٍ فَعَدَوْتُهُ إِلَى غَيْرِهِ
قوله: وما صاحبكم يعني: محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بمجنون والخطاب لأهل مكة، وهذا أيضًا من جواب القسم، أقسم الله أن القرآن نزل به جبريل، وأن محمدًا ليس كما يقول أهل مكة، وذلك أنهم قالوا: إن محمدًا مجنون، وهذا الذي أتى به يتقوله من نفسه.
ولقد رآه رأى محمد جبريل، بالأفق المبين حيث تطلع الشمس، وهذا مفسر في ﴿ [النجم.
ثم أخبر أنه ليس بمتهم فيما يأتي به من القرآن، فقال:] وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ﴾ [سورة التكوير: ٢٤] يعني: على خبر السماء، وما أطلع عليه مما كان غائبًا علمه عن أهل مكة من الأنباء، والقصص، مما لم يعرفوه، بظنين بمتهم، يقول: ما محمد على القرآن بمتهم.
أي: هو