إِلَيْهِ وَيَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُبْكِيكَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ٣] ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي
ثم ذكر نصبها، فقال: ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] قال ابن عباس: قد حميت فهي تتلظى على أعداء الله.
وقرأ أبو عمرو بضم التاء، من أصليته النار.
﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٥] متناهية في الحرارة، قال الحسن: قد أوقدت عليها جهنم منذ خلقت، فدفعوا إليها وردًا عطاشًا.
وقال المفسرون: لو وقعت منها نقطة على جبال الدنيا لذابت.
هذا شرابهم.
ثم ذكر طعامهم، فقال: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٦] وهو نوع من الشوك، يقال له: الشبرق.
وأهل الحجاز يسمونه الضريع، إذا يبس أخبث طعام وأبشعه، لا ترعاه دابة، قال أبو الجوازاء: هو السلاء.
١٣٣٧ - أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ أَجَازَهُ، أنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَهْشَلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الضَّرِيعُ شَيْءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ يُشْبِهُ الشَّوْكَ، أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الضَّرِيعَ»
قال أبو الدرداء، والحسن: إن الله عز وجل يرسل على أهل النار الجوع، حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بالضريع، ثم يستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالماء، فيستسقون فيعطشهم ألف سنة، ثم يسقون من عين آنية شربة لا هنيئة، ولا مريئة، فكلما أدنوه من وجوههم، سلخ جلود وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطعها.
فذلك قوله تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا