عَبْدُ الْغَفُورِ، عَنْ أَبِي نَضِيرٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " عَلَيْكُمْ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَالاسْتِغْفَارِ، فَأَكْثِرُوا مِنْهُمَا، فَإِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: أَهْلَكْتُ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ، وَأَهْلَكُونِي بِلا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَالاسْتِغْفَارِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَهْلَكْتُهُمْ بِالْأَهْوَاءِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ".
قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَنَا﴾ [الزخرف: ٣٨] يعني: الكافر، وقرئ: جاآنا يعني: الكافر وشيطانه، جعلا في سلسلة واحدة، وروى معمر عن الجريري، قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره، أخذ بيده شيطان، فلم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار.
فذلك حيث يقول: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ [الزخرف: ٣٨] بعد ما بين المشرق والمغرب، فغلب لفظ المشرق، كما قالوا: القمران، والعمران، فبئس القرين أنت أيها الشيطان.
ويقول الله تعالى في ذلك اليوم للكفار: ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ﴾ [الزخرف: ٣٩] أشركتم في الدنيا، ﴿أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: ٣٩] قال المفسرون: لا يخفف الاشتراك عنهم شيئا من العذاب، لأن لكل واحد من الكفار والشياطين الحظ الأوفر من العذاب.
ثم ذكر أنه لا ينفع الدعوة والوعظ من سبقت له الشقاوة، فقال: ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ {٤٠﴾ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ﴿٤١﴾ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ﴿٤٢﴾ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٤٣﴾ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤﴾ } [الزخرف: ٤٠-٤٤].
﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ [الزخرف: ٤٠] قال ابن عباس: يريد أنهم لا يعقلون ما جئت به، ولا يبصرونه، لأن من أعميت قلبه لم يهتد.
﴿وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: ٤٠] يريد من ظهرت ضلالته بتكذيب الصادق الأمين.


الصفحة التالية
Icon