وهو دردي الزيت، وعكر القطران، وقد تقدم تفسيره، ﴿يَغْلِي فِي الْبُطُونِ﴾ [الدخان: ٤٥] يعني: بطون الكفار، وقرئ بالتاء لتأنيث الشجرة، ومن قرأ بالياء حمله على الطعام، واختار أبو عبيد الياء، قال: لأن المهل مذكر، وهو الذي يلي الفعل، فصار أولى به، للتذكير وللقرب.
قال أبو علي الفارسي: لا يجوز أن يحمل الغلي على المهل، لأن المهل إنما ذكر للتشبيه به في الذوب.
ألا ترى أن المهل لا يغلي في البطون، إنما يغلي ما شبه به، وهو قوله: كغلي الحميم يعني: الماء الحار إذا اشتد غليانه؟ خذوه أي: يقال للزبانية: خذوه، يعني: الأثيم، فاعتلوه العتل: القود بالعنف، يقال: عتله يعتله ويعتله، إذا جره بالعنف، وذهب به إلى مكروه، قال مقاتل، ومجاهد: ادفعوه على وجهه.
﴿إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان: ٤٧] وسطه، كقوله تعالى: ﴿فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥].
﴿ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ﴾ [الدخان: ٤٨] قال مقاتل: إن خازن النار يضربه على رأسه، فيثقب رأسه عن دماغه، ثم يصب فيه ماء حميمًا قد انتهى حره.
ويقول له: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] وذلك أنه كان يقول: أنا أعز أهل هذا الوادي، وأكرمهم.
فيقول له الملك: ذق العذاب، أيها المتعزز المتكرم في زعمك، وفيما كنت تقوله.
وقرأ الكسائي أنك بفتح الألف، على تأويل: ذق العذاب بأنك، أو لأنك، قال الفراء: أي بهذا القول الذي قلته في الدنيا.
ويقول لهم الخازن: إن هذا العذاب، ﴿مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾ [الدخان: ٥٠] تشكون في الدنيا، وتكذبون به.
ثم ذكر مستقر المتقين، فقال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ {٥١﴾ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٥٢﴾ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ﴿٥٣﴾ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴿٥٤﴾ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ﴿٥٥﴾ لا يَذُوقُونَ