في كل شهر رمضان بما يجتمع عنده من القرآن، فيحدث الله فيه ما شاء وينسخ ما يشاء، وكان يعرض عليه في كل عرضة وجها من الوجوه التي أباح الله له أن يقرأ القرآن به، وكان يجوز لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر الله تعالى أن يقرأ ويقرئ بجميع ذلك، وهي كلها متفقة المعاني وإن اختلف بعض حروفها".
ثم قال: وقوله في الأحاديث: "كلها شاف كاف" (١)، يريد -والله أعلم- أن كل حرف من هذه الأحرف السبعة شاف لصدور المؤمنين، لاتفاقها في المعنى، وكونها من عند الله وتنزيله ووحيه، كما قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ﴾ (٢)، وهو كاف في الحجة [٥١ و] على صدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإعجاز نظمه وعجز الخلائق عن الإتيان بمثله" (٣).
وفي "كتاب غريب الحديث" لأبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله قال في حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر" (٤).
"ليس وجه الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل، ولكنه عندنا على الاختلاف في اللفظ أن يقرأ الرجل القرآن على حرف، فيقول له الآخر: ليس هو هكذا ولكنه هكذا، على خلافه، وقد أنزلهما الله تبارك وتعالى جميعا، يعلم ذلك بحديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن القرآن

(١) انظر ص٨٢، ٨٧.
(٢) فصلت: ٤٤.
(٣) شرح السنة ١٤٠ظ-١٤١ظ.
(٤) انظر ص٨٤، ٨٥، ١٠٤.


الصفحة التالية
Icon