بشيء منه بل هو اليوم متلو على حرف واحد متفق الصورة في الرسم غير متنافٍ في المعاني إلا حروفا يسيرة اختلفت صور رسمها في مصاحف الأمصار واتفقت معانيها فجرى مجرى ما اتفقت [٥٦ و] صورته".
"وذلك كالحرف المرسوم في مصحف أهل المدينة والشام "وأوصى بها إبراهيمُ"، وفي مصحف الكوفيين "ووصى" (١)، وفي مصحف أهل الحرمين ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾، وفي مصحف الكوفيين "أنجينا" (٢).
قال: "ولا شك أن زيد بن ثابت سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرؤها على هذه الهيئات فأثبتها في المصاحف مختلفة الصور على ما سمعها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ثم ساق الكلام في تقرير ذلك على نحو مما تقدم عن الإمام أبي جعفر بن جرير -وهو شيخه- فذكر أن الأمر بقراءة القرآن على سبعة أحرف أمر تخيير، قال:
"فثبتت الأمة على حرف واحد من السبعة التي خيروا فيها، وكان سبب ثباتهم على ذلك ورفض الستة ما أجمع عليه صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خافوا على الأمة تكفير بعضهم بعضا أن يستطيل ذلك إلى القتال
(٢) الأنعام: ٦٣، "أنجيتنا" بالياء والتاء والنون، و"أنجينا": بالياء بدلا من الألف، والنون "انظر: كتاب المصاحف ص٣٩، ٤٨، والمقنع ص٩٣". قال ابن الجوزي الجزري في النشر ٢/ ٢٥٩: واتفقوا على "أنجيتنا" في سورة يونس "الآية: ٢٢"؛ لأنه إخبار عن توجههم إلى الله تعالى بالدعاء فقال عز وجل: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا﴾، وذلك إنما يكون بالخطاب بخلاف ما في هذه السورة، فإنه قال تعالى أولا: ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَه﴾ قائلين ذلك؛ إذ يحتمل الخطاب ويحتمل حكاية الحال، والله أعلم.