التي تخالف خط المصحف، فكأنها [٥٩ و] منسوخة بالإجماع على خط المصحف".
"والنسخ للقرآن بالإجماع فيه اختلاف، فلذلك تمادى بعض الناس على القراءة بما يخالف خط المصحف مما ثبت نقله، وليس ذلك بجيد ولا صواب؛ لأن فيه مخالفة الجماعة، وفيه أخذ القرآن بأخبار الآحاد، وذلك غير جائز عند أحد من الناس" (١).
قلت: مثال هذا ما ثبت في الصحيحين من قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى" (٢). وقراءة الجماعة على وفق خط المصحف: ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ (٣)، وقد أوضحت هذا في أول ترجمة علقمة بن قيس من التاريخ الكبير.
وأما قول مكي: "إن الكسائي ألحق بالسبعة في أيام المأمون، وكان السابع يعقوب" ففيه نظر، فإن ابن مجاهد صنف "كتاب السبعة" وهو متأخر عن زمن المأمون بكثير، فإنه توفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، ومات المأمون سنة ثماني عشرة ومائتين، فلعل مصنفا آخر سبق ابن مجاهد إلى تصنيف قراءات السبعة، وذكر يعقوب دون الكسائي، إن صح ما أشار إليه مكي.
فإن غيره من الأئمة المصنفين في القراءات الثماني يقولون: وإنما ألحق يعقوب بهؤلاء السبعة أخيرًا لكثرة روايته وحسن اختياره ودرايته. [٥٩ ظ]
(٢) البخاري ٤/ ٣١٨، ٦/ ٨٤، مسلم ٢/ ٢٠٦، ورواه الترمذي في صحيحه ١١/ ٥٩
(٣) الليل: ١-٣.