الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ (١)، قال: نزل متفرقا (٢).
قلت: هو من قولهم: نجم عليه الدية أي قطعها، ومنه نجوم الكتابة، فلما قطع الله سبحانه القرآن وأنزله مفرقا قيل لتفاريقه نجوم، ومواقعها: مساقطها، وهي أوقات نزولها، وقد قيل: إن المراد ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ مغارب نجوم السماء، والله أعلم.
وقوله في الرواية الأولى: وكان بموقع النجوم: أي بمنزلة ذلك في تفرقه وعدم تتابعه على وجه الاتصال، وإنما هو على حسب الوقائع والنوازل، وكذا مواقع النجوم بحساب [٥ ظ] أزمنة معلومة تمضي. وقرئ ﴿بِمَوَاقِعِ﴾ بالجمع و"بموقع" بالإفراد (٣).
وقال أبو الحسن الواحدي المفسر: وقال مقاتل (٤) : أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة (٥).
(٢) شعب الإيمان ١/ ٣٧٠، وانظر: البسيط ٥/ ٤٩٣ و.
(٣) قرأ حمزة والكسائي "بموقع" بإسكان الواو من غير ألف، والباقون بفتح الواو وألف بعدها "التيسير، ص٢٠٧".
(٤) هو مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء، أبو الحسن الخرساني، المفسر المشهور، كان من العلماء الأجلاء، اختلف العلماء في أمره، فمنهم من وثقه في الرواية ومنهم من نسبه إلى الكذب، توفي سنة ١٥٠هـ "تاريخ بغداد ١٣/ ١٦٠، وفيات الأعيان ٢/ ١٤٧، ميزان الاعتدال ٣/ ١٩٦، تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٧٩".
(٥) الوسيط ٢/ ٩٥٣ظ، البسيط ٥/ ٤٩٣و.