وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، ولن يعدو ما ضل به مجلسه؛ لأن الله عز وجل قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لغط الزائغين وشبهات الملحدين بقوله عز وجل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ " (١).
قلت: هذا الشخص المشار إليه هو أبو الحسن [٧٤ ظ] محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقرئ المعروف بابن شنبوذ البغدادي (٢) في طبقة ابن مجاهد مقرئ مشهور.
قال الخطيب (٣) في "تاريخ بغداد":
"روى عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الإجماع يقرأ بها. فصنف أبو بكر بن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه".
"وقال إسماعيل الخطبي (٤) في كتاب التاريخ: اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ، يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويتتبع الشواذ فيقرأ بها ويجادل، حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس، فوجه

(١) الحجر: ٩.
(٢) هو من كبار القراء، وصنف في ذلك كتبا، توفي سنة ٣٢٨هـ "الفهرست ص٥٣، تاريخ بغداد ١/ ٢٨٠، معجم الأدباء ٦/ ٣٠٠، غاية النهاية ٢/ ٥٢".
(٣) هو أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، أبو بكر البغدادي، المعروف بالخطيب، أحد الحفاظ المؤرخين المتقدمين، تصانيفه أكثر من ستين كتابا، توفي سنة ٤٦٣هـ "معجم الأدباء ١/ ٢٤٦، وفيات الأعيان ١/ ٣٢، طبقات السبكي ٣/ ١٢".
(٤) هو إسماعيل بن علي بن إسماعيل، أبو محمد الخطبي، مؤرخ ثقة، توفي سنة ٣٥٠هـ "المنتظم ٧/ ٣".


الصفحة التالية
Icon