يخشى الله عز وجل" (١).
وعن إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا [٨١ و] يكن هم أحدكم آخر السورة (٢).
وعن الحسن البصري قال: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان، لا علم لهم بتلاوته، ولم ينالوا الأمر من أوله. قال الله عز وجل: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ (٣)، أما تدبر آياته، اتباعه والعمل بعلمه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كله، فما أسقط منه حرفا، وقد والله أسقطه كله (٤) ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نفس واحد، والله ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة، متى كانت القراء تقول مثل هذا، لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه

(١) ورواه ابن ماجه في سننه ١/ ٤٢٥.
(٢) ورواه البيهقي في شعب الإيمان ١/ ٣٤٤ظ، وفي سنن أبي داود ٢/ ٧٧، أتى ابن مسعود رجل فقال: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذا كهذ الشعر ونثرًا كنثر الدقل؟ قال أبو سليمان الخطابي في معالم السنن ١/ ٢٨٣: "الهذ سرعة القراءة، وإنما عاب عليه ذلك؛ لأنه إذا أسرع القراءة ولم يرتلها فاته فهم القرآن وإدراك معانيه".
(٣) ص: ٢٩.
(٤) نقل الباقلاني في كتاب الانتصار ١/ ٤٨و، قول الحسن البصري هذا من "أن أحدكم... " إلى "... وقد والله أسقطه كله".


الصفحة التالية
Icon