وعمر، ثم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١).
وأخرج هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله في "كتاب المستدرك"، وقال: [١٥ و] هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال: وفيه البيان الواضح أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة، فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق، والجمع الثالث -وهو ترتيب السور- كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنهم أجمعين (٢).
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: "الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله تعالى وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان أمير المؤمنين رضي الله عنه، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن بيان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان بجميعه بيانا شائعا ذائعا وواقعا على طريقة واحدة، ووجه تقوم به الحجة وينقطع العذر، وأن الخلف نقله عن السلف على هذه السبيل، وأنه قد نسخ منه بعض ما كانت تلاوته ثابتة مفروضة، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله سبحانه ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا آخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة، وأنه قد يمكن أن يكون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات

(١) دلائل النبوة ٤/ ١٧٤و.
(٢) المستدرك ٢/ ٢٢٩.


الصفحة التالية
Icon